النَّاسُ فِي رِوَايَةِ عُيَيْنَةَ مَنْ تَرَكَهُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ قَالَ الْمَازِرِيُّ ذَكَرَ بَعْضُ النُّحَاةِ أَنَّ الْعَرَبَ أَمَاتُوا مَصْدَرَ يَدَعْ وَمَاضِيهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْصَحُ الْعَرَبِ وَقَدْ نَطَقَ بِالْمَصْدَرِ فِي قَوْلِهِ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ وَبِمَاضِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ أَمَاتُوهُ أَيْ تَرَكُوا اسْتِعْمَالَهُ إِلَّا نَادِرًا قَالَ وَلَفْظُ أَمَاتُوهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ شَكِّ الرَّاوِيِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَعَ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ تَرَكَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ النُّحَاةِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَوْلُهُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ أَيْ قُبْحِ كَلَامِهِ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ كَانَ مِنْ جُفَاةِ الْعَرَبِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عُيَيْنَةَ الْمَذْكُورَ خُتِمَ لَهُ بِسُوءٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقَى فُحْشَهُ وَشَرَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ يَكُونُ شَرُّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُلْتُ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِلَفْظِ الْعُمُومِ فَمَنِ اتَّصَفَ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ عُيَيْنَةَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ يَحْتَمِلُ لِأَنْ يُقَيَّدَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا ذَلِكَ وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ تَابَ وَأَنَابَ وَقَدْ كَانَ عُيَيْنَةُ ارْتَدَّ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَحَارَبَ ثُمَّ رَجَعَ وَأَسْلَمَ وَحَضَرَ بَعْضَ الْفُتُوحِ فِي عَهْدِ عُمَرَ وَلَهُ مَعَ عُمَرَ قِصَّةٌ ذُكِرَتْ فِي تَفْسِيرِ الْأَعْرَافِ وَيَأْتِي شَرْحُهَا فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى جَفَائِهِ وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ أَحْمَقُ مُطَاعٌ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ جَاءَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَلَا أَنْزِلُ لَكَ عَنْ أَجْمَلَ مِنْهَا فَغَضِبَتْ عَائِشَةُ وَقَالَتْ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا أَحْمَقُ وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ وَزَادَ فِيهِ اخْرُجْ فَاسْتَأْذِنْ قَالَ إِنَّهَا يَمِينٌ عَلَيَّ أَنْ لَا أَسْتَأْذِنَ عَلَى مُضَرِيٍّ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَسْلَمَ لَهُ ذَلِكَ وَلِلْقَاضِي قَبْلَهُ فِي عُيَيْنَةَ لَا يَسْلَمُ لَهُ ذَلِكَ فِي مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُدَارَاةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُبْهَمِ هُنَا بمخرمة هُوَ الرَّاجِح