أَوْ لِأَنَّ الْفَرْقَ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي النَّكِرَاتِ لَا فِي الْمَعَارِفِ أَوْ لِفَقْدِ جَمْعِ الْكَثْرَةِ لِلَفْظِ الشَّرْطِ وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ نَظَرٌ وَلَوْ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا دَلِيلُ الْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ لَمَا بَعُدَ عَنِ الصَّوَابِ وَالْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنَ الْأَشْرَاطِ ثَلَاثَةٌ وَإِنَّمَا بَعْضُ الرُّوَاةِ اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا لِأَنَّهُ هُنَا ذَكَرَ الْوِلَادَةَ وَالتَّطَاوُلَ وَفِي التَّفْسِيرِ ذِكْرُ الْوِلَادَةِ وَتَرَؤُّسُ الْحُفَاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الَّتِي أخرج مُسلم إسنادها وسَاق بن خُزَيْمَةَ لَفْظَهَا عَنْ أَبِي حَيَّانَ ذِكْرُ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا فِي مستخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق بن عُلَيَّةَ وَكَذَا ذَكَرَهَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ وَوَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ فَفِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ ذِكْرُ الْوِلَادَةِ وَالتَّطَاوُلُ فَقَطْ وَوَافَقَهُ عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ذِكْرُ الثَّلَاثَة وَوَافَقَهُ عَطاء الخرساني وَكَذَا ذكرت فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَأَبِي عَامِرٍ قَوْلُهُ إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَفِي التَّفْسِيرِ رَبَّتَهَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ مِثْلُهُ وَزَادَ يَعْنِي السَّرَارِيَّ وَفِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ إِذَا رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا وَنَحْوُهُ لِأَبِي فَرْوَةَ وَفِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ الْإِمَاءُ أَرْبَابُهُنَّ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالْمُرَادُ بِالرَّبِّ الْمَالِكُ أَوِ السَّيِّدُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي معنى ذَلِك قَالَ بن التِّينِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ فَذَكَرَهَا لَكِنَّهَا مُتَدَاخِلَةٌ وَقَدْ لَخَّصْتُهَا بِلَا تَدَاخُلٍ فَإِذَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ اتِّسَاعُ الْإِسْلَامِ وَاسْتِيلَاءُ أَهْلِهِ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ فَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ وَلَدُ سَيِّدِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ قُلْتُ لَكِنْ فِي كَوْنِهِ الْمُرَادَ نَظَرٌ لِأَنَّ اسْتِيلَادَ الْإِمَاءِ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْمَقَالَةِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ وَاتِّخَاذُهُمْ سَرَارِيَّ وَقَعَ أَكْثَرُهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي الْإِشَارَةَ إِلَى وُقُوعِ مَا لَمْ يَقَعْ مِمَّا سَيَقَعُ قُرْبَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَقَدْ فَسَّرَهُ وَكِيع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ بِأَخَصَّ مِنَ الْأَوَّلِ قَالَ أَنْ تَلِدَ الْعَجَمُ الْعَرَبَ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَاءَ يَلِدْنَ الْمُلُوكَ فَتَصِيرُ الْأُمُّ مِنْ جُمْلَةِ الرَّعِيَّةِ وَالْمَلِكُ سيد رَعيته وَهَذَا لإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وقربه بَان الرُّؤَسَاءَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ كَانُوا يَسْتَنْكِفُونَ غَالِبًا مِنْ وَطْءِ الْإِمَاءِ وَيَتَنَافَسُونَ فِي الْحَرَائِرِ ثُمَّ انْعَكَسَ الْأَمْرُ وَلَا سِيَّمَا فِي أَثْنَاءِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَلَكِنَّ رِوَايَةَ رَبَّتَهَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ قَدْ لَا تُسَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ إِطْلَاقَ رَبَّتَهَا عَلَى وَلَدِهَا مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبًا فِي عِتْقِهَا بِمَوْتِ أَبِيهِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ السَّبْيَ إِذَا كَثُرَ فَقَدْ يُسْبَى الْوَلَدُ أَوَّلًا وَهُوَ صَغِيرٌ ثُمَّ يُعْتَقُ وَيَكْبَرُ وَيَصِيرُ رَئِيسًا بَلْ مَلِكًا ثُمَّ تُسْبَى أُمُّهُ فِيمَا بَعْدُ فَيَشْتَرِيهَا عَارِفًا بِهَا أَوْ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّهَا أُمُّهُ فَيَسْتَخْدِمُهَا أَوْ يَتَّخِذُهَا مَوْطُوءَةً أَوْ يُعْتِقُهَا وَيَتَزَوَّجُهَا وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ بَعْلَهَا وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَحُمِلَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَعْلِ الْمَالِكُ وَهُوَ أَوْلَى لِتَتَّفِقَ الرِّوَايَاتُ الثَّانِي أَنْ تَبِيعَ السَّادَةُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فَيَتَدَاوَلُ الْمُلَّاكُ الْمُسْتَوْلَدَةَ حَتَّى يَشْتَرِيَهَا وَلَدُهَا وَلَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي يَكُونُ مِنَ الْأَشْرَاطِ غَلَبَةُ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَوِ الِاسْتِهَانَةُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَلَا يَصْلُحُ الْحَمْلُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ وَلَا اسْتِهَانَةَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ قُلْنَا يَصْلُحُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صُورَةِ اتِّفَاقِيَّةٍ كَبَيْعِهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ الثَّالِثُ وَهُوَ مِنْ نَمَطِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَخْتَصُّ شِرَاءُ الْوَلَدِ أُمَّهُ بِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَلْ يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهِنَّ بِأَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ رَقِيقًا بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ تُبَاعُ الْأَمَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْعًا صَحِيحًا وَتَدُورُ فِي الْأَيْدِي حَتَّى يَشْتَرِيَهَا ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا تَفْسِيرُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ السَّرَارِيُّ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ الرَّابِعُ أَنْ يَكْثُرَ الْعُقُوقُ فِي الْأَوْلَادِ فَيُعَامِلُ الْوَلَدُ أُمَّهُ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ مِنَ الْإِهَانَةِ بِالسَّبِّ