بَيَّنَتْ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ بِعَرَفَةَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّتِي هِيَ آخِرُ عَهْدِ الْبَعْثَةِ حِينَ تَمَّتِ الشَّرِيعَةُ وَأَرْكَانُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَزَمَ السُّدِّيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ هَذِه الْآيَة شَيْء من الْحَلَال وَالْحرَام

[46] قَوْلُهُ بَابُ الزَّكَاةِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَمَا أُمِرُوا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ قَوْلُ اللَّهِ وَمَا أُمِرُوا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَضَى فِي بَابِ الصَّلَاةِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى مَا تُرْجِمَ لَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ دِينُ الْقَيِّمَةِ دِينُ الْإِسْلَامِ وَالْقَيِّمَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ وَقَدْ جَاءَ قَامَ بِمَعْنَى اسْتَقَامَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ أَيْ مُسْتَقِيمَةٌ وَإِنَّمَا خَصَّ الزَّكَاةَ بِالتَّرْجَمَةِ لِأَنَّ بَاقِيَ مَا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ قَدْ أَفْرَدَهُ بِتَرَاجِمَ أُخْرَى وَرِجَالُ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَمَالِكٌ وَالِدُ أَبِي سُهَيْلٍ هُوَ بن أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ حَلِيفُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله وَإِسْمَاعِيل هُوَ بن أبي أويس بن أُخْتِ الْإِمَامِ مَالِكٍ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ خَالِهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَلِيفِهِ فَهُوَ مُسَلْسَلٌ بِالْأَقَارِبِ كَمَا هُوَ مُسَلْسَلٌ بِالْبَلَدِ قَوْلُهُ جَاءَ رَجُلٌ زَادَ أَبُو ذَرٍّ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ قَوْلُهُ ثَائِرُ الرَّأْسِ هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الصِّفَةِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَعْرَهُ مُتَفَرِّقٌ مِنْ تَرْكِ الرَّفَاهِيَةِ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْوِفَادَةِ وَأَوْقَعَ اسْمَ الرَّأْسِ عَلَى الشَّعْرِ إِمَّا مُبَالَغَةً أَوْ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْهُ يَنْبُتُ قَوْلُهُ يُسْمَعُ بِضَمِّ الْيَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ لِلْجَمْعِ وَكَذَا فِي يُفْقَهُ قَوْلُهُ دَوِيٌّ بِفَتْحِ الدَّالِّ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَذَا فِي رِوَايَتِنَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضُ جَاءَ عِنْدَنَا فِي الْبُخَارِيِّ بِضَمِّ الدَّالِ قَالَ وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الدَّوِيُّ صَوْتٌ مُرْتَفِعٌ مُتَكَرِّرٌ وَلَا يُفْهَمُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَادَى مِنْ بُعْدٍ وَهَذَا الرَّجُلُ جزم بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ بِأَنَّهُ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَافِدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إِيرَادُ مُسْلِمٍ لِقِصَّتِهِ عَقِبَ حَدِيثِ طَلْحَةَ وَلِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَدْوِيٌّ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ لَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ سِيَاقَهُمَا مُخْتَلِفٌ وَأَسْئِلَتَهُمَا مُتَبَايِنَةٌ قَالَ وَدَعْوَى أَنَّهُمَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ دَعْوَى فَرَطٍ وَتَكَلُّفُ شَطَطٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوَّاهُ بَعضهم بِأَن بن سعد وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةً لَمْ يَذْكُرُوا لِضِمَامٍ إِلَّا الْأَوَّلَ وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ قَوْلُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015