عَقْلَهُمُ التَّرَفُّهُ فَزَعَمُوا أَنَّ لَعْقَ الْأَصَابِعِ مُسْتَقْبَحٌ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي عَلِقَ بِالْأَصَابِعِ أَوِ الصَّحْفَةِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ مَا أَكَلُوهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَائِرُ أَجْزَائِهِ مُسْتَقْذَرًا لَمْ يَكُنِ الْجُزْءُ الْيَسِيرُ مِنْهُ مُسْتَقْذَرًا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ أَكْبَرُ مِنْ مَصِّهِ أَصَابِعَهَ بِبَاطِنِ شَفَتَيْهِ وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَقَدْ يُمَضْمِضُ الْإِنْسَانُ فَيُدْخِلُ إِصْبَعَهُ فِي فِيهِ فَيُدَلِّكُ أَسْنَانَهُ وَبَاطِنَ فَمِهِ ثُمَّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ ذَلِكَ قَذَارَةٌ أَوْ سُوءُ أَدَبٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطَّعَامِ قَالَ عِيَاضٌ مَحِلُّهُ فِيمَا لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إِلَى الْغَسْلِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ غَمْرٌ وَلُزُوجَةٌ مِمَّا لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا الْغَسْلُ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي غَسْلِهِ وَالْحَذَرِ مِنْ تَرْكِهِ كَذَا قَالَ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَقْتَضِي مَنْعَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ بِغَيْرِ لَعْقٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِاللَّعْقِ دُونَهُمَا تَحْصِيلًا لِلْبَرَكَةِ نَعَمْ قَدْ يَتَعَيَّنُ النَّدْبُ إِلَى الْغَسْلِ بَعْدَ اللَّعْقِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمْرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَ إِلَّا نَفْسَهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ دُونَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَفِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى عَدَمِ إِهْمَالِ شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ كَالْمَأْكُولِ أَوِ الْمَشْرُوبِ وَإِنْ كَانَ تَافِهًا حَقِيرًا فِي الْعُرْفِ تَكْمِلَةٌ وَقَعَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ صِفَةُ لَعْقِ الْأَصَابِعِ وَلَفْظُهُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ بِالْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا وَالْوُسْطَى ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا الْوُسْطَى ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ الْإِبْهَامُ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْح التِّرْمِذِيِّ كَأَنَّ السِّرَّ فِيهِ أَنَّ الْوُسْطَى أَكْثَرُ تَلْوِيثًا لِأَنَّهَا أَطْوَلُ فَيَبْقَى فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا وَلِأَنَّهَا لِطُولِهَا أَوَّلُ مَا تَنْزِلُ فِي الطَّعَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الَّذِي يَلْعَقُ يَكُونُ بَطْنُ كَفِّهِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ فَإِذَا ابْتَدَأَ بِالْوُسْطَى انْتَقَلَ إِلَى السَّبَّابَةِ عَلَى جِهَة يَمِينه وَكَذَلِكَ الْإِبْهَام وَالله أعلم
ترْجم لَهُ بن مَاجَهْ مَسْحُ الْيَدِ بِالْمِنْدِيلِ
[5457] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن فليح أَي بن سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بن الْحَارِث أَي بن أبي الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ وَقد أخرجه بن ماجة من رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدٍ فَجَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَحْيَى هُوَ بن فُلَيْحٍ لِأَنَّ فُلَيْحًا يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ شَيْخِ الشَّافِعِيِّ وَاسْمُ أَبِي يَحْيَى سمْعَان وَكَأن الْحَامِل على ذَلِك كَون بن وَهْبٍ يَرْوِي عَنْ فُلَيْحٍ نَفْسِهِ فَاسْتَبْعَدَ قَائِلُ ذَلِكَ أَنْ يُرْوَى عَنِ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ عَنْهُ وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي تَرَجَّحَ عِنْدِي الْأَوَّلُ فَإِنَّ لَفْظَهُمَا وَاحِدٌ قَوْلُهُ سَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ قُلْتُ لِجَابِرٍ هَلْ عَلَيَّ فِيمَا مَسَّتِ النَّارُ وُضُوءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَسْحِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَحُكْمُ الْوُضُوءِ مِمَّا مست