عَلَى التَّنَاوُلِ مِنْهَا مَعَ قِلَّةِ الطَّعَامِ فَجَعَلَهُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً لِيَتَمَكَّنُوا مِنَ الْأَكْلِ وَلَا يَزْدَحِمُوا قَالَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَنْعُ عَنِ اجْتِمَاعِ أَكثر من عشرَة على الطَّعَام
أَيِ الَّتِي لَهَا رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَهَلِ النَّهْيُ عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِأَكْلِهَا عَلَى التَّعْمِيمِ أَوْ عَلَى مَنْ أَكَلَ النِّيءَ مِنْهَا دُونَ الْمَطْبُوخِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا قَوْلُهُ فِيهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْجُمُعَةِ من رِوَايَة نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا وَوَقَعَ لَنَا سَبَبُ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخْرَجَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَمْرٍو هُوَ بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ عَنْهُ قَالَ جَاءَ قَوْمٌ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَكَلُوا الثُّومَ وَالْبَصَلَ فَكَأَنَّهُ تَأَذَّى بِذَلِكَ فَقَالَ فَذَكَرَهُ ثَانِيهَا حَدِيثُ أَنَسٍ أَوْرَدَهُ عَنْ مُسَدَّدٍ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ وَهُوَ بن سعيد عَن عبد الْعَزِيز هُوَ بن صُهَيْبٍ ثَالِثُهَا حَدِيثُ جَابِرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا هُنَاكَ مَوْصُولًا وَمُعَلَّقًا وَفِيهِ ذِكْرُ الْبُقُولِ وَلَكِنَّهُ اخْتَصَرَهُ هُنَا وَقَوْلُهُ كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مِنْ لَا تُنَاجِي فِيهِ إِبَاحَتُهُ لِغَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ الْمُصَلُّونَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاخْتُلِفَ فِي حَقِّهِ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَكْرُوهً لِعُمُومِ قَوْلِهِ لَا فِي جَوَابِ أَحَرَامٌ هُوَ وَحُجَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ مُلَازَمَةُ الْمَلَكِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ مَا مِنْ سَاعَةٍ إِلَّا وَمَلَكٌ يُمْكِنُ أَنْ يَلْقَاهُ فِيهَا وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَيَانُ جَوَازِ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ إِلَّا أَنَّ مَنْ أَكَلَهَا يُكْرَهُ لَهُ حُضُورُ الْمَسْجِدِ وَقَدْ أَلْحَقَ بِهَا الْفُقَهَاءُ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الْبُقُولِ الْكَرِيهَةِ الرَّائِحَةِ كَالْفُجْلِ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ فِي الطَّبَرَانِيِّ وَقَيَّدَهُ عِيَاضٌ بِمَنْ يَتَجَشَّى مِنْهُ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الشَّدِيدَ الْبَخْرِ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ تَفُوحُ رَائِحَتُهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْكَرَاهِيَةِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى التَّنْزِيهِ وَعَنِ الظَّاهِرِيَّةِ التَّحْرِيمُ وَأَغْرَبَ عِيَاضٌ فَنَقَلَ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ تَحْرِيمُ تَنَاوُلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا تَمْنَعُ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ وَالْجَمَاعَةُ فَرْضُ عين وَلَكِن صرح بن حَزْمٍ بِالْجَوَازِ ثُمَّ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ حُضُورُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَذْهَبِهِ مِنْ غَيره