أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْمُتَعَظِّمِينَ وَأَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ قَالَ فَإِنْ كَانَ بِالْمَرْءِ مَانِعٌ لَا يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنَ الْأَكْلِ إِلَّا مُتَّكِئًا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَرَاهَةٌ ثُمَّ سَاقَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ أَكَلُوا كَذَلِكَ وَأَشَارَ إِلَى حَمْلِ ذَلِكَ عَنْهُمْ عَلَى الضَّرُورَة وَفِي الْحمل نظر وَقد اخْرُج بن أبي شيبَة عَن بن عَبَّاسٍ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى فَالْمُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ لِلْآكِلِ أَنْ يَكُونَ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَظُهُورُ قَدَمَيْهِ أَوْ يَنْصِبُ الرِّجْلَ الْيُمْنَى وَيَجْلِسُ عَلَى الْيُسْرَى وَاسْتَثْنَى الْغَزَالِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ الْأَكْلِ مُضْطَجِعًا أَكْلَ الْبَقْلِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ وَأَقْوَى مَا ورد فِي ذَلِك مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَأْكُلُوا اتِّكَاءَةً مَخَافَةَ أَنْ تعظم بطونهم وَإِلَى ذَلِك يُشِير بَقِيَّةُ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بن الْأَثِير من جِهَة الطِّبّ وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ الشِّوَاءِ)

بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمَدِّ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَجَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَالتِّلَاوَةُ أَنْ جَاءَ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ مَشْوِيٌّ كَذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ مَشْوِيٌّ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَأَوْرَدَهُ النَّسَفِيُّ بِلَفْظِ أَيْ مَشْوِيٌّ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بعجل حنيذ أَيْ مَحْنُوذٍ وَهُوَ الْمَشْوِيُّ مِثْلُ قَتِيلٍ فِي مَقْتُولٍ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ مثله وَعَن بن عَبَّاسٍ أَخَصُّ مِنْهُ قَالَ حَنِيذٌ أَيْ نَضِيجٌ وَمن طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الْحَنِيذُ الْمَشْوِيُّ النَّضِيجُ وَمن طرق عَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك وبن إِسْحَاقَ مِثْلُهُ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ الْحَنِيذُ الْمَشْوِيُّ فِي الرَّضْفِ أَيِ الْحِجَارَةِ الْمُحْمَاةِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالضِّحَاكِ نَحْوُهُ وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَبِهِ جَزَمَ الْخَلِيلُ صَاحِبُ اللُّغَةِ وَمِنْ طَرِيقِ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ الْحَنِيذُ قَالَ الَّذِي يَقْطُرُ مَاؤُهُ بَعْدَ أَنْ يُشْوَى وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ ذكر المُصَنّف حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي الضَّبِّ وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ أَن شَاءَ الله تَعَالَى وَأَشَارَ بن بَطَّالٍ إِلَى أَنَّ أَخْذَ الْحُكْمِ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْوَى لِيَأْكُلَ ثُمَّ لَمْ يَمْتَنِعْ إِلَّا لِكَوْنِهِ ضَبًّا فَلَوْ كَانَ غَيْرَ ضَبٍّ لَأَكَلَ قَوْلُهُ فِي آخِره وَقَالَ مَالك عَن بن شِهَابٍ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ يَأْتِي مَوْصُولًا فِي الذَّبَائِحِ من طَرِيق مَالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015