فِيهِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورُ كَذَا وَقَعَ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ وَكَأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ وَفِيهِ أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا مَيْمُونَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ وَلَفْظُهُ فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا هُوَ فَلَمَّا أَخْبَرُوهُ تَرَكَهُ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن عَبَّاسٍ فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لحم ضَب فَكف يَده

(قَوْلُهُ بَابُ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ)

أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ طَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَةَ وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ وَاسْتَشْكَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّرْجَمَةِ وَالْحَدِيثِ فَإِنَّ قَضِيَّةَ التَّرْجَمَةِ مَرْجِعُهَا النِّصْفُ وَقَضِيَّةَ الْحَدِيثِ مَرْجِعُهَا الثُّلُثُ ثُمَّ الرُّبْعُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى لَفْظِ حَدِيثٍ آخَرَ وَرَدَ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَبِأَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مُطْلَقَ طَعَامِ الْقَلِيلِ يَكْفِي الْكَثِيرَ لَكِنَّ أَقْصَاهُ الضَّعْفُ وَكَوْنُهُ يَكْفِي مِثْلَهُ لَا يَنْفِي أَنْ يَكْفِيَ دُونَهُ نَعَمْ كَوْنُ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ طَعَامَ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَةَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَنُقِلَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يُشْبِعُ الْوَاحِدَ يَكْفِي قُوتُ الِاثْنَيْنِ وَيُشْبِعُ الِاثْنَيْنِ قُوتُ الْأَرْبَعَةِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْحَضُّ عَلَى الْمَكَارِمِ وَالتَّقَنُّعُ بِالْكِفَايَةِ يَعْنِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحَصْرَ فِي مِقْدَارِ الْكِفَايَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمُوَاسَاةُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلِاثْنَيْنِ إِدْخَالُ ثَالِثٍ لِطَعَامِهِمَا وَإِدْخَالُ رَابِعٍ أَيْضًا بِحَسَبِ مَنْ يَحْضُرُ وَقَدْ وَقع فِي حَدِيث عمر عِنْد بن مَاجَهْ بِلَفْظِ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ طَعَامَ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَأَنَّ طَعَامَ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الْخَمْسَةَ وَالسِّتَّةَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ أَضْيَافِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ مَا يُرْشِدُ إِلَى الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ وَأَوَّلُهُ كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فَإِنَّ طَعَامَ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ الْحَدِيثُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكِفَايَةَ تَنْشَأُ عَنْ بَرَكَةِ الِاجْتِمَاعِ وَأَنَّ الْجَمْعَ كُلَّمَا كَثُرَ ازْدَادَتِ الْبَرَكَةُ وَقَدْ أَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى حَدِيث بن عُمَرَ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ نَحْوُ حَدِيث عمر وَزَاد فِي آخِره وَيَد الله على الْجَمَاعَة وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ يُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ اسْتِحْبَابُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ وَأَنْ لَا يَأْكُلَ الْمَرْءُ وَحْدَهُ اه وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْمُوَاسَاةَ إِذَا حَصَلَتْ حَصَلَتْ مَعَهَا الْبَرَكَةُ فَتَعُمُّ الْحَاضِرِينَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْتَحْقِرَ مَا عِنْدَهُ فَيَمْتَنِعَ مِنْ تَقْدِيمِهِ فَإِنَّ الْقَلِيلَ قَدْ يَحْصُلُ بِهِ الِاكْتِفَاءُ بِمَعْنَى حُصُولِ سَدِّ الرَّمَقِ وَقِيَامِ الْبِنْيَةِ لَا حَقِيقَةُ الشِّبَع وَقَالَ بن الْمُنِيرِ وَرَدَ حَدِيثٌ بِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ شَرْطَ الْبُخَارِيِّ فَاسْتَقْرَأَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ مَنْ أَمْكَنَهُ تَرْكُ الثُّلُثِ أَمْكَنَهُ تَرْكُ النِّصْفِ لِتَقَارُبِهِمَا انْتَهَى وَتَعَقَّبَهُ مُغَلْطَايْ بِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ انْتَهَى وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَ لِأَبِي سُفْيَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015