لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة إِلَى قَوْله بَصِير كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَاقَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وسَاق بن بطال فِي شَرحه إِلَى قَوْله وعَلى الموسع قدره ثمَّ قَالَ إِلَى قَوْله تعقلون وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ وَتَقْيِيدُهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا قَدِ اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ أَوْ تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة وَهُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَنَفَى الْجُنَاحَ عَمَّنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا نَقَصَتْ عَنِ الْمُسَمَّى فَكَيْفَ يَثْبُتُ لَهَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَمَّنْ فُرِضَ لَهَا قَدْرٌ مَعْلُومٌ مَعَ وُجُودِ الْمَسِيسِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَخْتَصُّ الْمُتْعَةُ بِمِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا وَقَالَ اللَّيْثُ لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ أَصْلًا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ بِأَنَّهَا لَمْ تُقَدَّرْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَدَمَ التَّقْدِيرِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ شُرَيْحًا يَقُولُ مَتِّعْ إِنْ كُنْتَ مُحْسِنًا مَتِّعْ إِنْ كُنْتَ مُتَّقِيًا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى تَرْكِ الْوُجُوبِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّ لِكُلِّ مُطلقَة مُتْعَة من غير اسْتِثْنَاءٍ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَكَذَا تَجِبُ فِي كُلِّ فُرْقَةٍ إِلَّا فِي فُرْقَةٍ وَقعت بِسَبَب مِنْهَا قَوْله وَقَوله تَعَالَى للمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ بِالْعُمُومِ وَخَصَّهُ مَنْ فَصَلَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُلَاعَنَةِ مُتْعَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ اللِّعَانِ مُسْتَوْفَاةَ الطُّرُقِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِلْمُتْعَةِ ذِكْرٌ فَكَأَنَّهُ تَمَسَّكَ فِي تَرْكِ الْمُتْعَةِ لِلْمُلَاعَنَةِ بِالْعَدَمِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ فَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا تَقَعُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ فَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَطَلَّقَهَا بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ تَدْخُلِ الْمُلَاعَنَةُ فِي عُمُومِ الْمُطَلَّقَاتِ ثمَّ ذكر حَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْمُلَاعَنِ وَقَوْلَهُ فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الطَّلَاقِ وَتَوَابِعِهِ مِنَ اللِّعَانِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَالْبَاقِي مَوْصُولٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهُ فِيهِ وَفِيمَا مَضَى اثْنَانِ وَتِسْعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ وَحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ثَلَاثَتُهَا فِي قِصَّةِ الْجَوْنِيَّةِ وَحَدِيثِ عَلِيٌّ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ النَّائِمِ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُعَلَّقٌ وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي الْخُلْعِ وَحَدِيثِهِ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ وَحَدِيثِهِ كَانَ الْمُشْركُونَ على منزلتين وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي نِكَاحِ الذِّمِّيَّةِ وَحَدِيثِهِ فِي تَفْسِيرِ الْإِيلَاءِ وَحَدِيثِ الْمِسْوَرِ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ وَهُوَ مُعَلَّقٌ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ تِسْعُونَ أَثَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ