وَقِيلَ الْمُرَادُ تَمْسَحُ بِهِ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَغْتَسِلُ وَالِافْتِضَاضُ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ لِإِزَالَةِ الْوَسَخِ وَإِرَادَةِ النَّقَاءِ حَتَّى تَصِيرَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً كَالْفِضَّةِ وَمن ثمَّ قَالَ الْأَخْفَش مَعْنَاهُ تنتظف فَتَنْتَقِي مِنَ الْوَسَخِ فَتُشْبِهُ الْفِضَّةَ فِي نَقَائِهَا وَبَيَاضِهَا وَالْغَرَضُ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إِلَى إِهْلَاكِ مَا هيَ فِيهِ وَمِنَ الرَّمْيِ الِانْفِصَالُ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ تَنْبِيهٌ جَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ فَتَفْتَضُّ بِهِ لِلتَّعَدِّيَةِ أَوْ تَكُونَ زَائِدَةً أَيْ تَفْتَضُّ الطَّائِرَ بِأَنْ تَكْسِرُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ انْتَهَى وَيَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِيرِ الِافْتِضَاضِ صَرِيحًا قَوْلُهُ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا قَوْلُهُ فَتَرْمِي بهَا فِي رِوَايَة مطرف وبن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ تَرْمِي بِبَعْرَةٍ مِنْ بَعْرِ الْغَنَمِ أَوِ الْإِبِلِ فَتَرْمِي بِهَا أَمَامَهَا فَيَكُونُ ذَلِك احلالا لَهَا وَفِي رِوَايَة بن وَهْبٍ فَتَرْمِي بِبَعْرَةٍ مِنْ بَعْرِ الْغَنَمِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ الْآتِيَةِ فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ رَمْيَهَا الْبَعْرَةَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُرُورِ الْكَلْبِ سَوَاءٌ طَالَ زَمَنُ انْتِظَارِ مُرُورِهِ أَمْ قَصُرَ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقِيلَ تَرْمِي بِهَا مَنْ عَرَضَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ غَيْرِهِ تُرِي مَنْ حَضَرَهَا أَنَّ مُقَامَهَا حَوْلًا أَهْوَنُ عَلَيْهَا مِنْ بَعْرَةٍ تَرْمِي بِهَا كَلْبًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَالَ عِيَاضٌ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْكَلْبَ إِذَا مَرَّ افْتُضَّتْ بِهِ ثُمَّ رَمَتِ الْبَعْرَةَ قُلْتُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ حَافِظًا فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى الْجَمْعِ وَاخْتُلَفَ فِي الْمُرَادِ بِرَمْيِ الْبَعْرَةِ فَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا رَمَتِ الْعِدَّةَ رَمْيَ الْبَعْرَةِ وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي فَعَلَتْهُ مِنَ التَّرَبُّصِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ لِمَا انْقَضَى كَانَ عِنْدَهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَعْرَةِ الَّتِي رَمَتْهَا اسْتِحْقَارًا لَهُ وَتَعْظِيمًا لِحَقِّ زَوْجِهَا وَقِيلَ بَلْ تَرْمِيهَا عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ بِعَدَمِ عودهَا إِلَى مثل ذَلِك
كَذَا وَقَعَ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَلَوْ كَانَ مِنَ الرُّبَاعِيِّ لَقَالَ الْمُحِدَّةِ قَالَ بن التِّينِ الصَّوَابُ الْحَادُّ بِلَا هَاءٍ لِأَنَّهُ نَعْتٌ لِلْمُؤَنَّثِ كَطَالِقٍ وَحَائِضٍ قُلْتُ لَكِنَّهُ جَائِزٌ فَلَيْسَ بِخَطَأٍ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَرْجَحَ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَاضِيَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَكَذَا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَوْرَدَهُمَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ بِاخْتِصَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ