عَن الْجَمَاعَة قَالَه بن الْمُنْذر وَآخَرُونَ وَقَالَ بن بَطَّالٍ شَذَّ الْحَسَنُ فِي هَذَا وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ وَقَالُوا يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيُحْصِنُ الشَّخْصَ وَيُوجِبُ كَمَالَ الصَّدَاقِ وَيُفْسِدُ الْحَجَّ وَالصَّوْمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعُسَيْلَةُ لَذَّةُ الْجِمَاعِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ تَسْتَلِذُّهُ عَسَلًا وَهُوَ فِي التَّشْدِيدِ يُقَابِلُ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الرُّخْصَةِ وَيَرُدُّ قَوْلَ الْحَسَنِ أَنَّ الْإِنْزَالَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَكَانَ كَافِيًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِذَا كَانَ بَعِيدَ الْعَهْدِ بِالْجِمَاعِ مَثَلًا أَنْزَلَ قَبْلَ تَمَامِ الْإِيلَاجِ وَإِذَا أَنْزَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْإِيلَاجِ لَمْ يَذُقْ عُسَيْلَةَ صَاحِبِهِ لَا إِنْ فُسِّرَتِ الْعسيلَة بالامناء وَلَا بلذة الْجِمَاع قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْجِمَاعِ لِتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ إِلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ الصَّحِيحِ عَنْهُ قَالَ يَقُولُ النَّاسُ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُجَامِعَهَا الثَّانِي وَأَنَا أَقُولُ إِذَا تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِحْلَالَهَا لِلْأَوَّلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ وَهَكَذَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنِ اسْتَبْعَدَ صِحَّتَهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَهَذَا الْقَوْلُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَيْهِ إِلَّا طَائِفَةً مِنَ الْخَوَارِجِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثَ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قُلْتُ سِيَاقُ كَلَامِهِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى ضَعْفِ الْخَبَر الْوَارِد فِي ذَلِك وَهُوَ ماأخرجه النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَن بن عُمَرَ رَفَعَهُ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ فَيُطَلِّقُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا آخَرُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ لَا حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ فَقَالَ عَنْ رَزِينِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَحْمَرِيِّ عَن بن عُمَرَ نَحْوُهُ قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الثَّوْرِيَّ أَتْقَنُ وَأَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ وَرِوَايَتُهُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ شَيْخَ عَلْقَمَةَ شَيْخُهُمَا هُوَ رَزِينُ بْنُ سُلَيْمَانَ كَمَا قَالَ الثَّوْرِيُّ لَا سَالِمُ بْنُ رَزِينٍ كَمَا قَالَ شُعْبَةُ فَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَلْقَمَةَ كَذَلِكَ مِنْهُمْ غَيْلَانُ بْنُ جَامِعٍ أَحَدُ الثِّقَاتِ ثَانِيهُمَا أَنَّ الْحَدِيثَ لَوْ كَانَ عِنْد سعيد بن الْمسيب عَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا مَا نَسَبَهُ إِلَى مَقَالَةِ النَّاسِ الَّذين خالفهم وَيُؤْخَذ من كَلَام بن الْمُنْذِرِ أَنَّ نَقْلَ أَبِي جَعْفَرٍ النَّحَّاسِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ وَتَبِعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْقَوْلَ بِذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهْمٌ وَأَعْجَبُ مِنْهُ أَنَّ أَبَا حِبَّانَ جزم بِهِ عَن السعيدين سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ سَنَدٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي شَيْء من المصنفات وَكفى قَول بن الْمُنْذر حجَّة فِي ذَلِك وَحكى بن الْجَوْزِيِّ عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ وَافَقَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِأَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ جَمِيعِهِ وَفِي قَوْلِهِ حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ إِلَخْ إِشْعَارٌ بِإِمْكَانِ ذَلِكَ لَكِنْ قَوْلُهَا لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ ظَاهِرٌ فِي تَعَذُّرِ الْجِمَاعِ الْمُشْتَرَطِ فَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ مُرَادَهَا بِالْهُدْبَةِ التَّشْبِيهُ بِهَا فِي الدِّقَّةِ وَالرِّقَّةِ لَا فِي الرَّخَاوَةِ وَعَدَمِ الْحَرَكَةِ وَاسْتُبْعِدَ مَا قَالَ وَسِيَاقُ الْخَبَرِ يُعْطِي بِأَنَّهَا شَكَتْ مِنْهُ عَدَمَ الِانْتِشَارِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَذُوقِي لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى الْإِمْكَانِ وَهُوَ جَائِزُ الْوُقُوعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ اصْبِرِي حَتَّى يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ تَفَارَقَا فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ إِرَادَةِ الرُّجُوعِ إِلَى رِفَاعَةَ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ ذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِإِطْلَاقِ وجود الذَّوْق مِنْهُمَا لاشْتِرَاط علم الزَّوْجَيْنِ بِهِ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا لَمْ يَكْفِ وَلَوْ أَنْزَلَ هُوَ وَبَالغ بن الْمُنْذِرِ فَنَقَلَهُ عَنْ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ وَتُعُقِّبَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا لَمْ تحل وَجزم بن الْقَاسِمِ بِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ يُحَلِّلُ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ رُجُوعِهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إِذَا حَصَلَ الْجِمَاعُ مِنَ الثَّانِي لَكِنْ