! !
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَدَّمَ لَفْظَ الْإِيمَانِ بِخِلَافِ أَخَوَاتِهِ حَيْثُ قَالَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الْإِيمَانِ إِمَّا لِلِاهْتِمَامِ بِذِكْرِهِ أَوْ لِلْحَصْرِ كَأَنَّهُ قَالَ الْمَحَبَّةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ إِلَّا مِنَ الْإِيمَانِ قُلْتُ وَهُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَلْيَقُ بِالِاهْتِمَامِ وَالْحَصْرِ مَعًا وَهُوَ قَوْلُهُ بَابُ حُبِّ الرَّسُولِ مِنَ الْإِيمَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّنْوِيعَ فِي الْعِبَارَةِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ اهْتَمَّ بِذِكْرِ حُبِّ الرَّسُولِ فقدمه وَالله أعلم
[13] قَوْله يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَوْلُهُ وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ هُوَ بن ذَكْوَانَ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شُعْبَةَ فَالتَّقْدِيرُ عَنْ شُعْبَةَ وَحُسَيْنٍ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا لِأَنَّ شَيْخَهُ أَفْرَدَهُمَا فَأَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مَعْطُوفًا اخْتِصَارًا وَلِأَنَّ شُعْبَةَ قَالَ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ حُسَيْنُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ وَأَغْرَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَزَعَمَ أَن طَرِيقُ حُسَيْنٍ مُعَلَّقَةٌ وَهُوَ غَلَطٌ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ وَأَبْدَى الْكِرْمَانِيُّ كَعَادَتِهِ بِحَسَبِ التَّجْوِيزِ الْعَقْلِيِّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا أَوْ مَعْطُوفًا عَلَى قَتَادَةَ فَيَكُونُ شُعْبَةُ رَوَاهُ عَنْ حُسَيْنٍ عَنْ قَتَادَةَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ مَنْ مَارَسَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ تَنْبِيهٌ الْمَتْنُ الْمُسَاقُ هُنَا لَفْظُ شُعْبَةَ وَأَمَّا لَفْظُ حُسَيْنٍ مِنْ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَهُوَ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ وَلِجَارِهِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحٍ عَنْ حُسَيْنٍ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ فَبَيَّنَ الْمُرَادَ بِالْأُخُوَّةِ وَعَيَّنَ جِهَةَ الْحُبِّ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِهِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَأَمَّا طَرِيقُ شُعْبَةَ فَصَرَّحَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِمَا بِسَمَاعِ قَتَادَةَ لَهُ من أنس فانتفت تُهْمَة تدليسه قَوْله لايؤمن أَيْ مَنْ يَدَّعِي الْإِيمَانَ وَلِلْمُسْتَمْلِي أَحَدُكُمْ وَلِلْأَصِيلِيِّ أَحَدٌ وَلِابْنِ عَسَاكِرَ عَبْدٌ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْيِ كَمَالُ الْإِيمَانِ وَنَفْيُ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْكَمَالِ عَنْهُ مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِهِمْ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ فَإِنْ قِيلَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْخَصْلَةُ مُؤْمِنًا كَامِلًا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا وَرَدَ مَوْرِدَ الْمُبَالَغَةِ أَوْ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مُلَاحَظَةُ بَقِيَّةَ صِفَاتِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ صَرَّحَ بن حبَان من رِوَايَة بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ بِالْمُرَادِ وَلَفْظُهُ لَا يَبْلُغُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَمَعْنَى الْحَقِيقَةِ هُنَا الْكَمَالُ ضَرُورَةً أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَكُونُ كَافِرًا وَبِهَذَا يَتِمُّ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ يَتَفَاوَتُ وَأَنَّ هَذِهِ الْخَصْلَةَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي التَّوَاضُعِ عَلَى مَا سَنُقَرِّرُهُ قَوْلُهُ حَتَّى يُحِبَّ بِالنَّصْبِ لِأَنَّ حَتَّى جَارَّةٌ وَأَنْ بَعْدَهَا مُضْمَرَةٌ وَلَا يَجُوزُ الرَّفْعُ فَتَكُونُ حَتَّى عَاطِفَةً فَلَا يَصِحُّ الْمَعْنَى إِذْ عَدَمُ الْإِيمَانِ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمَحَبَّةِ قَوْلُهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ أَيْ مِنَ الْخَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَكَذَا هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ وَكَذَا عِنْد بن مَنْدَهْ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَهَ أَيْضًا وَالْخَيْر كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ تَعُمُّ الطَّاعَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ وَتُخْرِجُ الْمَنْهِيَّاتِ لِأَنَّ اسْمَ الْخَيْرِ لَا يَتَنَاوَلُهَا وَالْمَحَبَّةُ إِرَادَةُ مَا يَعْتَقِدُهُ خَيْرًا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَحَبَّةُ الْمَيْلُ إِلَى مَا يُوَافِقُ الْمُحِبَّ وَقَدْ تَكُونُ بِحَوَاسِّهِ كَحُسْنِ الصُّورَةِ أَوْ بِفِعْلِهِ إِمَّا لِذَاتِهِ كَالْفَضْلِ وَالْكَمَالِ وَإِمَّا لِإِحْسَانِهِ كَجَلْبِ نَفْعٍ أَو دفع ضَرَر انْتهى مُلَخصا وَالْمرَاد بالميل هُنَا الِاخْتِيَارِيِّ دُونَ الطَّبِيعِيِّ وَالْقَسْرِيِّ وَالْمُرَادُ أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَحْصُلَ