وَالِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ رُوِيَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَزَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِك فِي صِحَّته عِنْد أحد من الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ وَلَوْ كَانَ بِالرِّجَالِ لَأُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِعِدَّةِ الْإِمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ أَصْلَهُ تَعْتَدُّ بِحَيْضٍ فَيكون المُرَاد جنس مَا تستبريء بِهِ رَحِمَهَا لَا الْوَحْدَةُ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْأَحْكَامِ سُنَنًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا وَاجِبًا وَأَنَّ تَسْمِيَةَ مَا دُونَ الْوَاجِبِ سُنَّةً اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَفِيهِ جَوَازُ جَبْرِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ عَلَى تَزْوِيجِ مَنْ لَا تَخْتَارُهُ إِمَّا لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ خَلْقِهِ وَهِيَ بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ جَمِيلَةً غَيْرَ سَوْدَاءَ بِخِلَافِ زَوْجِهَا وَقَدْ زُوِّجَتْ مِنْهُ وَظَهَرَ عَدَمُ اخْتِيَارِهَا لِذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ قَدْ يُبْغِضُ الْآخَرَ وَلَا يُظْهِرُ لَهُ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَرِيرَةُ مَعَ بُغْضِهَا مُغِيثًا كَانَتْ تصبر عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا تعامله بِمَا يَقْتَضِيهِ الْبُغْضُ إِلَى أَنْ فَرَّجَ اللَّهِ عَنْهَا وَفِيهِ تَنْبِيهُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ إِذَا جَهِلَهُ وَاسْتِقْلَالُ الْمُكَاتَبِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ عَلَى السَّادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعَبِيدِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ وَجَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعَبْدِ مُغِيثًا وَأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَأَنَّ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ مُعْتِقِهِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ وَجَوَازُ الْهَدِيَّةِ لِأَهْلِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ وَقَبُولُ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَفِيهِ سُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدْهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ حَيْثُ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَقُولُ لِأَهْلِهِ أَيْنَ ذَهَبَ وَهُنَا سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ وَعَايَنَهُ ثُمَّ أُحْضِرَ لَهُ غَيْرُهُ فَسَأَلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بَلْ لِتَوَهُّمِ تَحْرِيمِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ الْجَوَاز وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِيهِ دلَالَة على تبسط الْإِنْسَانِ فِي السُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْزِلِهِ وَمَا عَهِدَهُ فِيهِ قَبْلُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعِنْدِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي اللَّحْمِ وَأَنَّهُ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَالثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ أَيْنَ هُوَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أُهْدِيَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَعْضِ إِلْزَامِهَا كَأَقَارِبِهَا مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْأَوَّلُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يُظَنَّ تَحْرِيمُهُ أَوْ تَظْهَرُ فِيهِ شُبْهَةٌ إِذْ لَمْ يَسْأَلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى بَرِيرَةَ وَلَا عَنْ حَالِهِ كَذَا قِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَى بَرِيرَة بِالصَّدَقَةِ فَلم يتم هَذَا

(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَا تَنْكِحُوا المشركات)

كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِلَى قَوْله وَلَو اعجبتكم وَلَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ عِنْدَهُ فِي تَأْوِيلِهَا فَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّهَا خصت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015