وَبِأَنَّ كُلَّ لَفَظَّةٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ إِذَا قُصِدَ بِهَا الطَّلَاقُ وَوَقَعَ وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ أَنَّهُ يَتِمُّ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فَلَمْ يَنْحَصِرِ الْأَمْرُ فِيمَا ذَكَرُوا وَإِنَّمَا النَّظَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَاتِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كِنَايَاتٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إِلَّا مَعَ الْقَصْدِ إِلَيْهِ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ أَفْهَمَ الْفُرْقَةَ وَلَوْ مَعَ دِقَّتِهِ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَعَ الْقَصْدِ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُفْهَمِ الْفُرْقَةُ مِنَ اللَّفْظِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَ إِلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ كُلِي أَوِ اشْرَبِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا تَحْرِيرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ قَبْلَهُ الشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَغَيْرُهُمْ وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَاحْتَجَّ لَهُمُ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي قَرِيبًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ وَحْدَهَا لَا تُؤَثِّرُ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْكَلَامِ أَوِ الْفِعْلِ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا خَاطَبَهَا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَقَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ حَتَّى لَوْ قَالَ يَا فُلَانَة يُرِيد بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ قَوْلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ التَّخْيِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ فِي آخِرِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي بَابِ مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي إِسْنَادِهِ وَأَرَادَتْ عَائِشَةُ بِالْفِرَاقِ هُنَا الطَّلَاقَ جَزْمًا وَلَا نِزَاعَ فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْإِطْلَاقِ إِذَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ بَابُ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ نِيَّتُهُ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا فِي جُزْءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ فِي الْحَرَامِ إِنْ نَوَى يَمِينًا فَيَمِينٌ وَإِنْ طَلَاقًا فَطَلَاقٌ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْحَسَنِ وَبِهَذَا قَالَ النَّخعِيّ