عبَادَة عَن بن جُرَيْجٍ فَذَكَرَهَا فَلَا يُتَخَيَّلُ انْفِرَادُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَن بن عُمَرَ جَمَاعَةٌ وَأَحَادِيثُهُمْ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ أَبُو الزبير وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا مُنْكَرٌ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ مِثْلُهُ فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَلَوْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا مُسْتَقِيمًا لِكَوْنِهَا لَمْ تَقَعْ عَلَى السُّنَّةِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ لَمْ يَرْوِ أَبُو الزُّبَيْرِ حَدِيثًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا تَحْرُمُ مَعَهُ الْمُرَاجَعَةُ أَوْ لَمْ يَرَهَا شَيْئًا جَائِزًا فِي السُّنَّةِ مَاضِيًا فِي الِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ فَقَالَ نَافِعٌ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَالْأَثْبَتُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ إِذَا تَخَالَفَا وَقَدْ وَافَقَ نَافِعًا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الثَّبَتِ قَالَ وَبسط الشَّافِعِي لِلْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَحَمَلَ قَوْلَهُ لَمْ يَرَهَا شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعُدَّهَا شَيْئًا صَوَابًا غَيْرَ خَطَأٍ بَلْ يُؤْمَرُ صَاحِبُهُ أَنْ لَا يُقِيمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْمُرَاجَعَةِ وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا طَاهِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ فَهُوَ كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ أَوْ أَخْطَأَ فِي جَوَابِهِ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا أَيْ لَمْ يصنع شَيْئا صَوَابا قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِمَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِض لم يعْتد بهَا فِي قَول بن عمر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ لَمْ تَعْتَدَّ الْمَرْأَةُ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْصُوصًا أَنَّهُ قَالَ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَلَا تَعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ اه وَقَدْ رَوَى عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عمر نَحوا مَا نَقله بن عبد الْبر عَن الشّعبِيّ أخرجه بن حَزْمٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِثْلَهُ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بن عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَهَذِهِ مُتَابَعَاتٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ إِلَّا أَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ الصَّرِيح فِي قَول بن عُمَرَ إِنَّهَا حُسِبَتْ عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ وَهَذَا الْجَمْعُ الَّذِي ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ يَتَعَيَّنُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تغليط بعض الثِّقَات وَأما قَول بن عُمَرَ إِنَّهَا حُسِبَتْ عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ فِيهِ تَسْلِيمَ أَنَّ بن عُمَرَ قَالَ إِنَّهَا حُسِبَتْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ مَعَ هَذَا قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا أَوْ لَمْ يَرَهَا شَيْئًا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُخَالِفُ لِأَنَّهُ إِنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَزِمَ مِنْهُ أَن بن عُمَرَ خَالَفَ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِخُصُوصِهَا لِأَنَّهُ قَالَ إِنَّهَا حُسِبَتْ عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ فَيَكُونُ مَنْ حَسَبَهَا عَلَيْهِ خَالَفَ كَوْنَهُ لَمْ يَرَهَا شَيْئًا وَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ مَعَ اهْتِمَامِهِ وَاهْتِمَامِ أَبِيهِ بِسُؤَالِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ لِيَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ وَإِنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا أَوْ لَمْ يَرَهَا لِابْنِ عُمَرَ لَزِمَ مِنْهُ التَّنَاقُضُ فِي الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى التَّرْجِيحِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَخْذَ بِمَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُ وَالْأَحْفَظُ أَوْلَى مِنْ مُقَابِلِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ عِنْد الْجُمْهُور وَالله أعلم وَاحْتج بن الْقَيِّمِ لِتَرْجِيحِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ شَيْخُهُ بِأَقْيِسَةٍ تَرْجِعُ إِلَى مَسْأَلَةِ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَقَالَ الطَّلَاقُ يَنْقَسِمُ إِلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّ حَرَامَهُ بَاطِلٌ كَالنِّكَاحِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَأَيْضًا فَكَمَا أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَكَذَلِكَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَأَيْضًا فَهُوَ طَلَاقٌ مَنَعَ مِنْهُ الشَّرْعُ فَأَفَادَ مَنْعُهُ عَدَمَ جَوَازِ إِيقَاعِهِ فَكَذَلِكَ يُفِيدُ عَدَمَ نُفُوذِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْمَنْعِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى وَجْهٍ فَطَلَّقَهَا عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَمْ يَنْفُذْ فَكَذَلِكَ لَمْ يَأْذَنِ الشَّارِعُ لِلْمُكَلَّفِ فِي الطَّلَاقِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُبَاحًا فَإِذَا طَلَّقَ طَلَاقًا مُحَرَّمًا لَمْ يَصِحَّ وَأَيْضًا فَكُلُّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعُقُودِ مَطْلُوبُ الْإِعْدَامِ فَالْحُكْمُ بِبُطْلَانِ مَا حَرَّمَهُ أَقْرَبُ إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015