الطَّلَاقُ فِي اللُّغَةِ حَلُّ الْوَثَاقِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الْإِرْسَالُ وَالتَّرْكُ وَفُلَانٌ طَلْقُ الْيَدِ بِالْخَيْرِ أَيْ كَثِيرُ الْبَذْلِ وَفِي الشَّرْعِ حَلُّ عُقْدَةِ التَّزْوِيجِ فَقَطْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ لَفْظٌ جَاهِلِيٌّ وَرَدَّ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ وَطَلُقَتِ الْمَرْأَةُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا وَهُوَ أَفْصَحُ وَطُلِّقَتْ أَيْضًا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ الثَّقِيلَةِ فَإِنْ خُفِّفَتْ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْوِلَادَةِ وَالْمُضَارِعُ فِيهِمَا بِضَمِّ اللَّامِ وَالْمَصْدَرُ فِي الْوِلَادَةِ طَلْقًا سَاكِنَةُ اللَّامِ فَهِيَ طَالِقٌ فِيهِمَا ثُمَّ الطَّلَاقُ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ جَائِزًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيمَا إِذَا كَانَ بِدْعِيًّا وَلَهُ صُوَرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيمَا إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ سَبَبٍ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِي صُوَرٍ مِنْهَا الشِّقَاقُ إِذَا رَأَى ذَلِكَ الْحَكَمَانِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَفِيمَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ وَأَمَّا الْخَامِسُ فَنَفَاهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّرَهُ غَيْرَهُ بِمَا إِذَا كَانَ لَا يُرِيدُهَا وَلَا تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَحَمَّلَ مُؤْنَتَهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولِ غَرَضِ الِاسْتِمْتَاعِ فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُكْرَهُ قَوْله وَقَول اللَّهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن واحصوا الْعدة أما قَوْله تَعَالَى إِذْ طلّقْتُم النِّسَاء فَخِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا أَوْ عَلَى إِرَادَةِ ضَمِّ أُمَّتِهِ إِلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ وَأُمَّتُهُ وَقِيلَ هُوَ عَلَى إِضْمَارِ قُلْ أَيْ قُلْ لِأُمَّتِكِ وَالثَّانِي أَلْيَقُ فَخَصَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالنِّدَاءِ لِأَنَّهُ إِمَامُ أُمَّتِهِ اعْتِبَارًا بِتَقَدُّمِهِ وَعَمَّ بِالْخِطَابِ كَمَا يُقَالُ لِأَمِيرِ الْقَوْمِ يَا فُلَانُ افعلوا كَذَا وَقَوله إِذا طلّقْتُم أَيْ إِذَا أَرَدْتُمُ التَّطْلِيقَ جَزْمًا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَوْلُهُ لِعِدَّتِهِنَّ أَيْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ شُرُوعِهِنَّ فِي الْعِدَّةِ وَاللَّامُ لِلتَّوْقِيتِ كَمَا يُقَالُ لَقِيتُهُ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنَ الشَّهْرِ قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فطلقوهن لعدتهن قَالَ بن عَبَّاسٍ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ بن عمر فِي آخر حَدِيثه قَالَ بن عُمَرُ وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ وَنُقِلَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَيْضًا عَنْ أُبَيٍّ وَعُثْمَانَ وَجَابِرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْن وَغَيرهم وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث بن عُمَرَ فِي الْبَابِ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ أَحْصَيْنَاهُ حَفِظْنَاهُ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ عَنِ السُّدِّيِّ وَالْمُرَادُ الْأَمْرُ بِحِفْظِ ابْتِدَاءِ وَقْتِ الْعِدَّةِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ الْأَمْرُ بِطُولِ الْعِدَّةِ فَتَتَأَذَّى بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ قَوْلُهُ وَطَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ روى الطَّبَرِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن بن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى فطلقوهن لعدتهن قَالَ فِي الطُّهْرِ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَأَخْرَجَهُ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَذَلِكَ وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم وَهُوَ وَاضح وَكَأَنَّهُ لمح بِمَا أخرجه بن مرْدَوَيْه عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُطَلِّقُونَ لِغَيْرِ عِدَّةٍ وَيُرَاجِعُونَ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَنَزَلَتْ وَقَدْ قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الطَّلَاقَ إِلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ وَإِلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ لَا وَصْفَ لَهُ فَالْأَوَّلُ مَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي أَنْ يُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهَا أَحَمَلَتْ أَمْ لَا وَمِنْهُمْ مَنْ أَضَافَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى طَلْقَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَضَافَ لَهُ الْخُلْعَ وَالثَّالِثُ تَطْلِيقُ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَالْحَامِلِ الَّتِي قَرُبَتْ وِلَادَتُهَا وَكَذَا إِذَا وَقَعَ السُّؤَالُ مِنْهَا فِي وَجْهٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِالْأَمْرِ وَكَذَا إِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِسُؤَالِهَا وَقُلْنَا إِنَّهُ طَلَاقٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَرَأَتِ الدَّمَ وَقُلْنَا الْحَامِلُ تَحِيضُ