كَثِيبٌ وَأَعْلَاهَا عَسِيبٌ قَوْلُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْكُنَّ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَزَادَ فِي آخِرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أرى هَذَا يعرف مَا هَا هُنَا لَا يَدْخُلُ عَلَيْكُنَّ قَالَتْ فَحَجَبُوهُ وَزَادَ أَبُو يَعْلَى فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِهِ وَأَخْرَجَهُ فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ كل يَوْم جُمُعَة يستطعم وَزَاد بن الْكَلْبِيِّ فِي حَدِيثِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ غَلْغَلْتَ النَّظَرَ إِلَيْهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ ثُمَّ أَجَلَاهُ عَنِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْحِمَى وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ إِنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً بِمَكَّةَ فَقَالَ هِيتٌ أَنَا أَنْعَتُهَا لَكَ إِذَا أَقْبَلَتْ قُلْتَ تَمْشِي بِسِتٍّ وَإِذَا أَدْبَرَتْ قُلْتَ تَمْشِي بِأَرْبَعٍ وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى سَوْدَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُرَاهُ إِلَّا مُنْكَرًا فَمَنَعَهُ وَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَفَاهُ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالك قَاتَلَكَ اللَّهُ إِنْ كُنْتُ لَأَحْسَبُكَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَسَيَّرَهُ إِلَى خَاخٍ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَقَدْ ضُبِطَتْ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَمَلَتْ كِتَابَ حَاطِبٍ إِلَى قُرَيْشٍ قَالَ الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا حَجَبَهُ عَنِ الدُّخُولِ إِلَى النِّسَاءِ لَمَّا سَمِعَهُ يَصِفُ الْمَرْأَةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي تُهَيِّجُ قُلُوبَ الرِّجَالِ فَمَنَعَهُ لِئَلَّا يَصِفَ الْأَزْوَاجَ لِلنَّاسِ فَيَسْقُطُ مَعْنَى الْحِجَابَ اه وَفِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ حَجَبَهُ لِذَاتِهِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ لَا أُرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَا هُنَا وَلِقَوْلِهِ وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ فَلَمَّا ذَكَرَ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَةِ فَنَفَاهُ لِذَلِكَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ حَجْبُ النِّسَاءِ عَمَّنْ يَفْطِنُ لِمَحَاسِنِهِنَّ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي إِبْعَادِ مَنْ يُسْتَرَابُ بِهِ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ قَالَ الْمُهَلَّبُ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمَوْصُوفَةِ بِدُونِ الرُّؤْيَةِ لِقِيَامِ الصِّفَةِ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ فِي بَيْعِ جَارِيَةٍ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الصِّفَةِ لَمْ يَكْفِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ اتِّفَاقًا فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ قُلْتُ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُهَلَّبُ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْوَصْفَ يَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا اسْتَوْعَبَ الْوَصْفَ حَتَّى قَامَ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ الْمُعْتَبَرَةِ أَجْزَأَ هَذَا مُرَادُهُ وَانْتِزَاعُهُ مِنَ الْحَدِيثِ ظَاهِرٌ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا تَعْزِيرُ مَنْ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ بِالْإِخْرَاجِ مِنَ الْبُيُوتِ وَالنَّفْيِ إِذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِرَدْعِهِ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ وُجُوبُ ذَلِكَ وَتَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ مِنْ قَاصِدٍ مُخْتَارٍ حَرَامٌ اتِّفَاقًا وَسَيَأْتِي لَعْنُ مَنْ فَعَلَ ذَلِك فِي كتاب اللبَاس
وَظَاهِرُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ شَهِيرَةٌ وَاخْتُلِفَ التَّرْجِيحُ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَحَدِيثُ الْبَابِ يُسَاعِدُ مَنْ أَجَازَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْعِيدِ جَوَابُ النَّوَوِيِّ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ صَغِيرَةً دُونَ الْبُلُوغِ أَوْ كَانَ قَبْلَ الْحِجَابِ وَقَوَّاهُ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ لَكِنْ تَقَدَّمَ مَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ وَأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قُدُومِ وَفْدِ الْحَبَشَةِ وَأَنَّ قُدُومَهُمْ كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَلِعَائِشَةَ يَوْمَئِذٍ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً