فَتَدَّعِي مِنَ الْحَظْوَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِمَّا عِنْدَهُ تُرِيدُ بِذَلِكَ غَيْظَ ضَرَّتِهَا وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الرِّجَالِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَلْبِسُ الثِّيَابَ الْمُشْبِهَةَ لِثِيَابِ الزُّهَّادِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَيَظْهَرُ مِنَ التَّخَشُّعِ وَالتَّقَشُّفِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي قَلْبِهِ مِنْهُ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالثِّيَابِ الْأَنْفَسَ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ نَقِيُّ الثَّوْبِ إِذَا كَانَ بَرِيئًا مِنَ الدَّنَسِ وَفُلَانٌ دَنِسُ الثَّوْبِ إِذَا كَانَ مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي دِينِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الثَّوْبُ مَثَلٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ صَاحِبُ زُورٍ وَكَذِبٍ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ وُصِفَ بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْأَدْنَاسِ طَاهِرُ الثَّوْبِ وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْسُ الرَّجُلِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ قَدْ يَسْتَعِيرُ ثَوْبَيْنِ يَتَجَمَّلُ بِهِمَا لِيُوهِمَ أَنَّهُ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ اه وَهَذَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ كَانَ يَكُونُ فِي الْحَيِّ الرَّجُلُ لَهُ هَيْئَةٌ وَشَارَةٌ فَإِذَا احْتِيجَ إِلَى شَهَادَةِ زُورٍ لَبِسَ ثَوْبَيْهِ وَأَقْبَلَ فَشَهِدَ فَقُبِلَ لِنُبْلِ هَيْئَتِهِ وَحُسْنِ ثَوْبَيْهِ فَيُقَالُ أَمْضَاهَا بِثَوْبَيْهِ يَعْنِي الشَّهَادَةَ فَأُضِيفَ الزُّورُ إِلَيْهِمَا فَقِيلَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ وَأَمَّا حُكْمُ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ ثَوْبَيْ زُورٍ فَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ كَذِبَ الْمُتَحَلِّي مَثْنًى لِأَنَّهُ كَذَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا لَمْ يَأْخُذْ وَعَلَى غَيْرِهِ بِمَا لَمْ يُعْطِ وَكَذَلِكَ شَاهِدُ الزُّورِ يَظْلِمُ نَفْسَهُ وَيَظْلِمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ فِي التَّثْنِيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَالَّذِي قَالَ الزُّورَ مَرَّتَيْنِ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ إِنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَجْعَلُ فِي الْكُمِّ كُمًّا آخَرَ يُوهِمُ أَن الثَّوْب ثَوْبَان قَالَه بن الْمُنِيرِ قُلْتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مَا فِي زَمَانِنَا هَذَا فِيمَا يُعْمَلُ فِي الْأَطْوَاقِ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أليق وَقَالَ بن التِّينِ هُوَ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَيْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهُمَا لَهُ وَلِبَاسُهُمَا لَا يَدُومُ وَيَفْتَضِحُ بِكَذِبِهِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَنْفِيرَ الْمَرْأَةِ عَمَّا ذَكَرْتُ خَوْفًا مِنَ الْفَسَادِ بَيْنَ زَوْجِهَا وَضَرَّتِهَا وَيُورِثُ بَيْنَهُمَا الْبَغْضَاءَ فَيَصِيرُ كَالسِّحْرِ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ الْمُتَشَبِّعُ أَيِ الْمُتَشَبِّهُ بِالشَّبْعَانِ وَلَيْسَ بِهِ وَاسْتُعِيرَ لِلتَّحَلِّي بِفَضِيلَةٍ لَمْ يُرْزَقْهَا وَشُبِّهَ بِلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ أَيْ ذِي زُورٍ وَهُوَ الَّذِي يَتَزَيَّا بِزِيِّ أَهْلِ الصَّلَاحِ رِيَاءً وَأَضَافَ الثَّوْبَيْنِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا كَالْمَلْبُوسَيْنِ وَأَرَادَ بِالتَّثْنِيَةِ أَنَّ الْمُتَحَلِّيَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيِ الزُّورِ ارْتَدَى بِأَحَدِهِمَا وَاتَّزَرَ بِالْآخَرِ كَمَا قِيلَ إِذَا هُوَ بِالْمَجْدِ ارْتَدَى وَتَأَزَّرَا فَالْإِشَارَةُ بِالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ إِلَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِالزُّورِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ التَّثْنِيَةُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ حَصَلَ بِالتَّشَبُّعِ حَالَتَانِ مَذْمُومَتَانِ فِقْدَانُ مَا يُتَشَبَّعُ بِهِ وَإِظْهَارُ الْبَاطِلِ وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ هُوَ الَّذِي يُرَى أَنَّهُ شَبْعَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ عَن هِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَحْيَى فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَفَادَ تَصْرِيحُ هِشَامٍ بِتَحْدِيثِ فَاطِمَةَ وَهِيَ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ وَزَوْجَتُهُ وَأَسْمَاءُ هِيَ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ جَدَّتُهُمَا مَعًا وَقَدِ اتَّفَقَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ وَانْفَرَدَ مَعْمَرٌ وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ بِرِوَايَتِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَالَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَقَالَ إِنَّهُ أَخْطَأَ وَالصَّوَابُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي التَّتَبُّعِ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِثْلُ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَالَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ وَأَحْتَاجُ أَنْ أَنْظُرَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فَإِنِّي وَجَدْتُهُ فِي رُقْعَةٍ وَالصَّوَابُ عَنْ عَبْدَةَ وَوَكِيعٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ لَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا قَالَ سَائِرُ أَصْحَابِ هِشَامٍ قُلْتُ هُوَ ثَابِتٌ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ مُسلم فِي كتاب اللبَاس أوردهُ عَن بن نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدَةَ وَوَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيه عَن عَائِشَة ثمَّ أوردهُ عَن بن نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدَةَ وَحْدَهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ فَاقْتَضَى أَنَّهُ عِنْدَ عَبْدَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَعِنْدَ وَكِيعٍ بِطَرِيقِ عَائِشَةَ فَقَطْ ثُمَّ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ وَكَذَا أَوْرَدَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيق