الْخِيَارِ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ فِي قِصَّةِ حَرْبٍ عِنْدَ عُمَرَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ النَّهْيِ عَنِ الْعَزْلِ فَقِيلَ لِتَفْوِيتِ حَقِّ الْمَرْأَةِ وَقِيلَ لِمُعَانَدَةِ الْقَدَرِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مُعْظَمُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ الْمُفَرِّقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَوْضِعُ الْمَنْعِ أَنَّهُ يَنْزِعُ بِقَصْدِ الْإِنْزَالِ خَارِجِ الْفَرْجِ خَشْيَةَ الْعُلُوقِ وَمَتَى فُقِدَ ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعُ وَكَأَنَّهُ رَاعَى سَبَبَ الْمَنْعِ فَإِذَا فَقَدَ بَقِيَ أَصْلُ الْإِبَاحَةِ فَلَهُ أَنْ يَنْزِعَ مَتَى شَاءَ حَتَّى لَوْ نَزَعَ فَأَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ اتِّفَاقًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ النَّهْيُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُنْتَزَعُ مِنْ حُكْمِ الْعَزْلِ حُكْمُ مُعَالَجَةِ الْمَرْأَةِ إِسْقَاطَ النُّطْفَةِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ هُنَاكَ فَفِي هَذِهِ أَوْلَى وَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ يُمْكِنُ أَنْ يَلْتِحَقَ بِهِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ أَشَدُّ لِأَنَّ الْعَزْلَ لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَعَاطِي السَّبَبِ وَمُعَالَجَةُ السِّقْطِ تَقَعُ بَعْدَ تَعَاطِي السَّبَبِ وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعَاطِي الْمَرْأَةِ مَا يَقْطَعُ الْحَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ بِالْمَنْعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِمْ بِإِبَاحَةِ الْعَزْلِ مُطْلَقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَصَبْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ لِمَنْ أَجَازَ اسْتِرْقَاقَ الْعَرَبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَبِ رَقِيقًا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَلِمَنْ أَجَازَ وَطْءَ الْمُشْرِكَاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ كَانُوا أَهْلَ أَوْثَانٍ وَقَدِ انْفَصَلَ عَنْهُ مَنْ مَنَعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ دَانَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَبِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ وَفِيهِ نَظَرٌ إِذِ النَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَبِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَسْبِيَّاتُ أَسْلَمْنَ قَبْلَ الْوَطْءِ وَهَذَا لَا يَتِمُّ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ فَإِنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا تُعَادُ لِلْمُشْرِكِ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلَ الْفِدَاءِ عَلَى مَعْنًى أَخَصَّ وَهُوَ أَنَّهُنَّ يَفْدِينَ أَنْفُسَهُنَّ فَيُعْتَقْنَ مِنَ الرِّقِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إِعَادَتُهُنَّ لِلْمُشْرِكِينَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى إِرَادَةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْفِدَاءَ الْمُتَخَوَّفَ مِنْ فَوْتِهِ هُوَ الثَّمَنُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصَبْنَا سَبْيًا وَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ وَهَذَا أَقْوَى من جَمِيع مَا تقدم وَالله أعلم
تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي التَّفْسِيرِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا وَسَاقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ قِصَّةً أُخْرَى وَلَعَلَّهَا كَانَتْ أَيْضًا فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ وَلَكِنْ بَيَّنْتُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ إِلَّا عَائِشَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ وَالشَّهَادَاتِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا
[5211] قَوْله بن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم هُوَ بن أبي بكر وبن أَبِي مُلَيْكَةَ يَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ تَارَةً بِالْوَاسِطَةِ وَتَارَةً بِغَيْرِهَا قَوْلُهُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا مَفْهُومُهُ اخْتِصَاصُ الْقُرْعَةِ بِحَالَةِ السَّفَرِ وَلَيْسَ عَلَى