هَذَا الظَّاهِرُ كَافٍ لِمَنْ شَمَّ أَدْنَى رَائِحَةٍ مِنْ عِلْمِ الْإِسْنَادِ وَالِاحْتِمَالَاتُ الْعَقْلِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي هَذَا الْفَنِّ وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَأَشَدُّ بُعْدًا لِأَنَّ أَبَا الْيَمَانِ لَمْ يَلْحَقْ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ وَلَا سَمِعَ مِنْ يُونُسَ وَهَذَا أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالنَّقْلِ الْمَحْضِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا عَدَاهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ لَاطَّلَعَ عَلَى كَيْفِيَّةِ رِوَايَةِ الثَّلَاثَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِخُصُوصِهِ فَاسْتَرَاحَ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِي تَغْلِيقُ التَّعْلِيقِ وَأُشِيرُ هُنَا إِلَيْهِ إِشَارَةً مُفْهِمَةً فَرِوَايَةُ صَالِحٍ وَهُوَ بن كَيْسَانَ أَخْرَجَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِتَمَامِهَا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَفِيهَا مِنَ الْفَوَائِدِ الزَّوَائِدِ مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَبْلُ وَلَكِنَّهُ انْتَهَى حَدِيثُهُ عِنْدَ قَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ زَادَ هُنَا وَأَنَا كَارِهٌ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ بن النَّاطُورِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِدُونِهَا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ وَرِوَايَةُ يُونُسَ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْرَجَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْجِهَادِ مُخْتَصَرَةً مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ وَفِي الِاسْتِئْذَانِ مُخْتَصَرَةً أَيْضًا من طَرِيق بن الْمُبَارَكِ كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ وَقَدْ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْث وَذكر فِيهِ قصَّة بن النَّاطُورِ وَرِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ سَاقَهَا الْمُؤَلِّفُ بِتَمَامِهَا فِي التَّفْسِيرِ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِ فَوَائِدَ زَائِدَةٍ فِيمَا مَضَى أَيْضًا وَذَكَرَ فِيهِ من قصَّة بن النَّاطُورِ قِطْعَةً مُخْتَصَرَةً عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلَةً فَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ أَبَا الْيَمَانِ مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ الزُّهْرِيَّ إِنَّمَا رَوَاهُ لِأَصْحَابِهِ بِسَنَدٍ وَاحِدٍ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ وَهُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّ أَحَادِيثَ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ عَنْ غَيْرِ أَبِي الْيَمَانِ وَلَوِ احْتَمَلَ أَنْ يَرْوِيَهُ لَهُمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ لَكَانَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا قَدْ يُفْضِي إِلَى الِاضْطِرَابِ الْمُوجِبِ لِلضَّعْفِ فَلَاحَ فَسَادُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ لَا إِلَهَ الا هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015