مُخْتَلِفَيِ الدَّلَالَةِ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ رُوِيَا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَقَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ وُجُودَ إِذْنٍ سَابِقٍ عَامٍّ يَتَنَاوَلُ هَذَا الْقَدْرَ وَغَيْرَهُ إِمَّا بِالصَّرِيحِ وَإِمَّا بِالْعُرْفِ قَالَ وَيَتَعَيَّنُ هَذَا التَّأْوِيلُ لِجَعْلِ الْأَجْرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا الصَّرِيحِ وَلَا الْمَأْخُوذِ مِنَ الْعُرْفِ لَا يَكُونُ لَهَا أَجْرٌ بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يَعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ عُرْفًا فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ يَعْنِي كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَالْبُيُوعِ إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ قَدْرٌ يُعْلَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ قَالَ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْمَحُ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ فِي حَقِّ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الزَّكَاةِ مَبَاحِثُ لَطِيفَةٌ وَأَجْوِبَةٌ فِي هَذَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّنْصِيفِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الْحَمْلَ عَلَى الْمَالِ الَّذِي يُعْطِيهِ الرَّجُلُ فِي نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا أَنْفَقَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا لِلرَّجُلِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ فِي اكْتِسَابِهِ وَلِكَوْنِهِ يُؤْجَرُ عَلَى مَا يُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِهِ كَمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرِهِ وَلِلْمَرْأَةِ لِكَوْنِهِ مِنَ النَّفَقَةِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِهَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا قَالَ فِي الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا قَالَ لَا إِلَّا مِنْ قُوتِهَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ عَقِبَهُ هَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامٍ اه وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُضَعِّفُ حَمْلَهُ عَلَى التَّعْمِيمِ أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الثَّانِي فَلَا وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ قَالَتِ امْرَأَةٌ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا كَلٌّ عَلَى آبَائِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَأَبْنَائِنَا فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ الرطب تأكلنه وتهدينه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ لَا تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ قِيلَ وَلَا الطَّعَامَ قَالَ ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّطَبِ مَا يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ فَأَذِنَ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ أَيْضًا عَنْ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّوْمِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ وَأَنَّ لِأَبِي الزِّنَادِ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ صِيَامُ الْمَرْأَة إِسْنَادًا آخر ومُوسَى الْمَذْكُور هُوَ بن أَبِي عُثْمَانَ وَأَبُوهُ أَبُو عُثْمَانَ يُقَالُ لَهُ التَّبَّانُ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثَقِيلَةٍ وَاسْمُهُ سَعْدٌ وَيُقَالُ عِمْرَانَ وَهُوَ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ وَصَلَ حَدِيثَهُ الْمَذْكُورَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ بِقِصَّةِ الصَّوْمِ فَقَط والدارمي أَيْضا وبن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجَ بِهِ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ فَرَاجَعْتُهُ فِيهِ فَثَبَتَ عَلَى مُوسَى وَرَجَعَ عَنِ الْأَعْرَجِ وَرَوَيْنَاهُ عَالِيًا فِي جُزْءِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نُجَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ فِي تَجْوِيزِ دُخُولِ الْأَبِ وَنَحْوِهِ بَيْتَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عُمُومًا وَخُصُوصًا وَجْهِيًّا فَيَحْتَاجُ إِلَى مُرَجِّحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ صِلَةُ الرَّحِمِ إِنَّمَا تُنْدَبُ بِمَا يَمْلِكُهُ الْوَاصِلُ وَالتَّصَرُّفُ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَكَمَا لِأَهْلِهَا أَنْ لَا تَصِلَهُمْ بِمَالِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِذْنُهَا لَهُمْ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ كَذَلِكَ