فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قُرْآنًا إِلَخْ وَأَمَّا نُزُولُهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ فَمَذْكُورٌ فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى بن مَسْعُودٍ أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَأَقْرِئِ النَّاسَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ لَا بِلُغَةِ هُذَيْلٍ وَأَمَّا عَطْفُ الْعَرَبِ عَلَيْهِ فَمِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِأَنَّ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَتَيْنِ فَهُوَ حُجَّةٌ لِذَلِكَ وَقَدْ أخرج بن أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي اللُّغَةِ فاكتبوها بِلِسَان مُضر اه وَمُضر هُوَ بن نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ وَإِلَيْهِ تَنْتَهِي أَنْسَابُ قُرَيْشٍ وَقَيْسٍ وَهُذَيْلٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ مَعْنَى قَوْلِ عُثْمَانَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ أَيْ مُعْظَمُهُ وَأَنَّهُ لَمْ تَقُمْ دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا أَنَّهُ نَزَلَ بِجَمِيعِ أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ مُضَرَ دُونَ رَبِيعَةَ أَوْ هُمَا دُونَ الْيَمَنِ أَوْ قُرَيْشًا دُونَ غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ لِأَنَّ اسْمَ الْعَرَبِ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَلَوْ سَاغَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَسَاغَ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ نَزَلَ بِلِسَانِ بَنِي هَاشِمٍ مَثَلًا لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَائِرِ قُرَيْشٍ وَقَالَ أَبُو شَامَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ أَيِ ابْتِدَاءُ نُزُولِهِ ثُمَّ أُبِيحَ أَنْ يُقْرَأَ بِلُغَةِ غَيْرِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ اه وَتَكْمِلَتُهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ نَزَلَ أَوَّلًا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ أَحَدُ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ ثُمَّ نَزَلَ بِالْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الْمَأْذُونِ فِي قِرَاءَتِهَا تَسْهِيلًا وَتَيْسِيرًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَلَمَّا جَمَعَ عُثْمَانُ النَّاسَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ رَأَى أَنَّ الْحَرْفَ الَّذِي نَزَلَ الْقُرْآنُ أَوَّلًا بِلِسَانِهِ أَوْلَى الْأَحْرُفِ فَحَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لِسَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَا لَهُ مِنَ الْأَوَّلِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ عُمَرَ لِابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا قَوْلُهُ وَأَخْبَرَنِي فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ فَأَمَرَ عُثْمَانُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى مَوْضِعِ الْحَاجَةِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ فَاكْتُبُوهُ بلسانهم أَي