[1] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عِيسَى مَنْسُوبٌ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ أُسَامَةَ بَطْنٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ رَهْطِ خَدِيجَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَمِعُ مَعَهَا فِي أَسَدٍ وَيَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُصَيٍّ وَهُوَ إِمَامٌ كَبِيرٌ مُصَنِّفٌ رَافَقَ الشَّافِعِيَّ فِي الطَّلَبِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ وَطَبَقَتِهِ وَأَخَذَ عَنْهُ الْفِقْهَ وَرَحَلَ مَعَهُ إِلَى مِصْرَ وَرَجَعَ بَعْدَ وَفَاتِهِ إِلَى مَكَّةَ إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ امْتَثَلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا قُرَيْشًا فَافْتَتَحَ كِتَابَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ لِكَوْنِهِ أَفْقَهَ قُرَشِيٍّ أَخَذَ عَنْهُ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ أُخْرَى لِأَنَّهُ مَكِّيٌّ كَشَيْخِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ فِي أَوَّلِ تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَانَ بِمَكَّةَ وَمِنْ ثَمَّ ثَنَّى بِالرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ شَيْخُ أَهْلِ الْمَدِينَةَ وَهِيَ تَالِيَةٌ لِمَكَّةَ فِي نُزُولِ الْوَحْيِ وَفِي جَمِيع الْفضل وَمَالك وبن عُيَيْنَةَ قَرِينَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْلَاهُمَا لَذَهَبَ الْعِلْمُ من الْحجاز قَوْله حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ الْهِلَالِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ أَصْلُهُ وَمَوْلِدُهُ الْكُوفَةُ وَقَدْ شَارَكَ مَالِكًا فِي كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِهِ وَعَاشَ بَعْدَهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَبْعِينَ مِنَ التَّابِعِينَ قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ اسْمُ جَدِّهِ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ صَحَابِيٌّ وَيَحْيَى مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدٍ التَّيْمِيُّ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ وَشَيْخُ مُحَمَّدٍ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِهِمْ فَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَفِي الْمَعْرِفَةِ لِابْنِ مَنْدَهْ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلْقَمَةَ صَحَابِيٌّ فَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ فِيهِ تابعيان وصحابيان يَكُونُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَكْثَرُ الصِّيَغِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْمُحَدِّثُونَ وَهِيَ التَّحْدِيثُ وَالْإِخْبَارُ وَالسَّمَاعُ وَالْعَنْعَنَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي إِدْخَالِهِ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ أَصْلًا بِحَيْثُ إِنَّ الْخَطَّابِيَّ فِي شَرْحِهِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ أَخْرَجَاهُ قَبْلَ التَّرْجَمَةِ لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَوْرَدَهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ فَقَطْ وَاسْتَصْوَبَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ صَنِيعَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي ذَلِك وَقَالَ بن رَشِيدٍ لَمْ يَقْصِدِ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِهِ سِوَى بَيَانِ حُسْنِ نِيَّتِهِ فِيهِ فِي هَذَا التَّأْلِيفِ وَقَدْ تُكُلِّفَتْ مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ فَقَالَ كُلٌّ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ انْتَهَى وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَهُ مَقَامَ الْخُطْبَةِ لِلْكِتَابِ لِأَنَّ فِي سِيَاقِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ فَإِذَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ فِي خُطْبَةِ الْمِنْبَر صلح أَن يكون فِي خطْبَة الْكتاب وَحَكَى الْمُهَلَّبُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِهِ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا فَنَاسَبَ إِيرَادَهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ كَالْمُقَدِّمَةِ لَهَا لِأَنَّ بِالْهِجْرَةِ افْتُتِحَ الْإِذْنُ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَيَعْقُبُهُ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ وَالْفَتْحُ انْتَهَى وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّنِي لَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِهِ أَوَّلَ مَا هَاجَرَ مَنْقُولًا وَقَدْ وَقَعَ فِي بَابِ تَرْكِ الْحِيَلِ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ الْحَدِيثَ فَفِي هَذَا إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ أَمَّا كَوْنُهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ قُدُومِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ اسْتَنَدَ إِلَى مَا رُوِيَ فِي قصَّة مهَاجر أم قيس قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ نَقَلُوا أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ الْهِجْرَةِ وَإِنَّمَا هَاجَرَ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تُسَمَّى أُمَّ قَيْسٍ فَلِهَذَا خُصَّ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ دُونَ سَائِرِ مَا يُنْوَى بِهِ انْتَهَى وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَمْ يَسْتَلْزِمِ الْبَدَاءَةَ بِذِكْرِهِ أَوَّلَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَقِصَّةُ مُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ رَوَاهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن مَسْعُودٍ قَالَ مَنْ هَاجَرَ يَبْتَغِي شَيْئًا فَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ هَاجَرَ رَجُلٌ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قَيْسٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ كَانَ فِينَا رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قَيْسٍ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ حَتَّى يُهَاجِرَ فَهَاجَرَ فَتَزَوَّجَهَا فَكُنَّا نُسَمِّيهِ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ سِيقَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ مَا يَقْتَضِي التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَلَوْ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ إِقَامَتَهُ مَقَامَ الْخُطْبَةِ فَقَط إِذْ الِابْتِدَاءَ بِهِ تَيَمُّنًا وَتَرْغِيبًا فِي الْإِخْلَاصِ لَكَانَ سِيَاقه قَبْلَ التَّرْجَمَةِ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ بن بَطَّالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّجَّارِ قَالَ التَّبْوِيبُ يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ وَالْحَدِيثِ مَعًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخلصين لَهُ الدّين