الْمَبْعَثِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الَّذِي قَالَ لأهل الطَّائِف مَا قَالَ هُوَ عبد يَا ليل بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ قَدْ عَمِيَ فَقَالَ لَهُمْ لَا تَعْجَلُوا وَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتِ النُّجُومُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا هِيَ الَّتِي تُعْرَفُ فَهُوَ عِنْدَ فَنَاءِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ مِنْ حَدَثٍ فَنَظَرُوا فَإِذَا هِيَ نُجُومٌ لَا تُعْرَفُ فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ سَمِعُوا بِمَبْعَثِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق السّديّ مطولا وَذكر بن إِسْحَاقَ نَحْوَهُ مُطَوَّلًا بِغَيْرِ إِسْنَادٍ فِي مُخْتَصَرِ بن هِشَامٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ فَسَاقَ سَنَدَهُ بِذَلِكَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ كَانَ مِنْ أَدْهَى الْعَرَبِ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ فَزِعَ لَمَّا رُمِيَ بِالنُّجُومِ مِنَ النَّاس فَذكر نَحوه وَأخرجه بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَوَّلُ الْعَرَبِ فَزِعَ مِنْ رَمْيِ النُّجُومِ ثَقِيفٌ فَأَتَوْا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ نَحْوَهُ بِغَيْرِ سِيَاقه وَنسب القَوْل الْمَنْسُوب لعبد يَا ليل لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَلَعَلَّهُمَا تَوَارَدَا عَلَى ذَلِكَ فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ أَوَّلَ الْبَعْثَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ عِيَاضٌ وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مَوْضِعًا آخَرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا ذَكَرْتُهُ فَقَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّمْيَ بِالشُّهُبِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْكَارِ الشَّيَاطِينِ لَهُ وَطَلَبِهِمْ سَبَبَهُ وَلِهَذَا كَانَتِ الْكَهَانَةُ فَاشِيَةً فِي الْعَرَبِ وَمَرْجُوعًا إِلَيْهَا فِي حُكْمِهِمْ حَتَّى قُطِعَ سَبَبُهَا بِأَنْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يجد لَهُ شهابا رصدا وَقَوله تَعَالَى أَنهم عَن السّمع لمعزولون وَقَدْ جَاءَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِاسْتِغْرَابِ رَمْيِهَا وَإِنْكَارِهِ إِذْ لَمْ يَعْهَدُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَكَانَ ذَلِكَ أَحَدُ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَيِّدهُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ إِنْكَارِ الشَّيَاطِينِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ تَزَلِ الشُّهُبُ يُرْمَى بِهَا مُذْ كَانَتِ الدُّنْيَا وَاحْتَجُّوا بِمَا جَاءَ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَهَذَا مَرْوِيّ عَن بن عَبَّاس وَالزهْرِيّ وَرفع فِيهِ بن عَبَّاسٍ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لِمَنِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا قَالَ غُلِّظَ أَمْرُهَا وَشُدِّدَ انْتَهَى وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن بن عَبَّاسٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالُوا كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا إِذَا رُمِيَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنِ النُّجُومِ أَكَانَ يُرْمَى بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنَّهُ إِذْ جَاءَ الْإِسْلَامُ غلظ وشدد وَهَذَا جمع حسن وَيحْتَمل أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رُمِيَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ جَاهِلِيَّةِ الْمُخَاطَبِينَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ وَكَانُوا قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ فِي جَاهِلِيَّةٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُسْلِمُوا إِلَّا بعد المبعث بِثَلَاث عَشْرَةَ سَنَةً وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ لَمْ يَزَلِ الْقَذْفُ بِالنُّجُومِ قَدِيمًا وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي أَشْعَارِ قُدَمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ كَأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ وَبِشْرِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُجْمَعُ بِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ يُرْمَى بِهَا قَبْلَ الْمَبْعَثِ رَمْيًا يَقْطَعُ الشَّيَاطِينَ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَلَكِنْ كَانَتْ تُرْمَى تَارَةً وَلَا تُرْمَى أُخْرَى وَتُرْمَى مِنْ جَانِبٍ وَلَا تُرْمَى مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ وَلَعَلَّ الْإِشَارَةَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانب دحورا انْتَهَى ثُمَّ وَجَدْتُ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيَجْمَعُ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الْأَخْبَارِ قَالَ كَانَ إِبْلِيسُ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ كُلِّهِنَّ يَتَقَلَّبُ فِيهِنَّ كَيْفَ شَاءَ لَا يُمْنَعُ مُنْذُ أُخْرِجَ آدَمُ إِلَى أَنْ رُفِعَ عِيسَى فَحُجِبَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْبَعِ سَمَاوَاتٍ فَلَمَّا بُعِثَ نَبِيُّنَا حُجِبَ مِنَ الثَّلَاثِ فَصَارَ يَسْتَرِقُ السَّمْعَ هُوَ وَجُنُودُهُ وَيُقْذَفُونَ بِالْكَوَاكِبِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الطَّبَرِيُّ من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمْ تَكُنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015