فَضِيلَةِ أَهْلِ بَدْرٍ وَإِطْلَاقِ السَّبِّ عَلَى لَفْظِ الدُّعَاءِ بِالسُّوءِ عَلَى الشَّخْصِ وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنِ الْأَمْرِ الْقَبِيحِ إِذَا أُشِيعَ وَتُعْرَفُ صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ بِالتَّنْقِيبِ عَلَى مَنْ قِيلَ فِيهِ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يُشْبِهُهُ أَوْ يَقْرَبُ مِنْهُ وَاسْتِصْحَابُ حَالِ مَنِ اتُّهِمَ بِسُوءٍ إِذَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ بِالْبَحْثِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَفِيهِ فَضِيلَة قَوِيَّة لأم مسطح لأنهالم تُحَابِ وَلَدَهَا فِي وُقُوعِهِ فِي حَقِّ عَائِشَةَ بَلْ تَعَمَّدَتْ سَبَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُمُ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَأَنَّ الرَّاجِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الذُّنُوبَ تَقَعُ مِنْهُمْ لَكِنَّهَا مَقْرُونَةٌ بِالْمَغْفِرَةِ تَفْضِيلًا لَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْمَشْهَدِ الْعَظِيمِ وَمَرْجُوحِيَّةُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَصَمَهُمْ فَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ ذَنْبٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ سَمَاعَ مَا يَعْتَقِدُ السَّامِعُ أَنَّهُ كَذِبٌ وَتَوْجِيهُهُ هُنَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُنَزَّهُ أَنْ يَحْصُلَ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْنِيسٌ فَيُشْرَعُ شُكْرَهُ بِالتَّنْزِيهِ فِي مِثْلِ هَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَفِيهِ تَوَقُّفُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا عَلَى إِذْنِ زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ أَبَوَيْهَا وَفِيهِ الْبَحْثُ عَنِ الْأَمْرِ الْمَقُولِ مِمَّنْ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقُول فِيهِ والتوقف فِي خير الْوَاحِدِ وَلَوْ كَانَ صَادِقًا وَطَلَبُ الِارْتِقَاءِ مِنْ مَرْتَبَةِ الظَّنِّ إِلَى مَرْتَبَةِ الْيَقِينِ وَأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا جَاءَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَفَادَ الْقَطْعُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ لَأَسْتَيْقِنُ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَفِيهِ اسْتِشَارَةُ الْمَرْءُ أَهْلَ بِطَانَتِهِ مِمَّنْ يَلُوذُ بِهِ بِقَرَابَةٍ وَغَيْرِهَا وَتَخْصِيصُ مَنْ جُرِّبَتْ صِحَّةُ رَأْيِهِ مِنْهُمْ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ وَالْبَحْثُ عَنْ حَالِ مَنِ اتُّهِمَ بِشَيْءٍ وَحِكَايَةُ ذَلِكَ لِلْكَشْفِ عَنْ أَمْرِهِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ غِيبَةً وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ لَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا فِي التَّزْكِيَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِي حَقِّ مَنْ سَبَقَتْ عَدَالَتُهُ مِمَّنْ يُطَّلَعُ عَلَى خَفِيِّ أَمْرِهِ وَفِيهِ التَّثَبُّتُ فِي الشَّهَادَةِ وَفِطْنَةُ الْإِمَامِ عِنْدَ الْحَادِثِ الْمُهِمِّ وَالِاسْتِنْصَارُ بِالْأَخِصَّاءِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَتَوْطِئَةُ الْعُذْرِ لِمَنْ يُرَادُ إِيقَاعُ الْعِقَابِ بِهِ أَوِ الْعِتَابِ لَهُ وَاسْتِشَارَةُ الْأَعْلَى لِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَاسْتِخْدَامُ مَنْ لَيْسَ فِي الرِّقِّ وَأَنَّ مَنِ اسْتَفْسَرَ عَنْ حَالِ شَخْصٍ فَأَرَادَ بَيَانُ مَا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ فَلْيُقَدِّمْ ذِكْرَ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ يَعْلَمُهُ كَمَا قَالَتْ بَرِيرَة فِي عَائِشَة حَيْثُ عاتبها بِالنَّوْمِ عَنِ الْعَجِينِ فَقَدَّمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْزِمْ فِي الْقِصَّةِ بِشَيْءٍ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ وَأَنَّ الْحَمِيَّةَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لَا تُذَمُّ وَفِيهِ فَضَائِلُ جَمَّةٌ لِعَائِشَةَ وَلِأَبَوَيْهَا وَلِصَفْوَانَ وَلِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَفِيهِ أَنَّ التَّعَصُّبَ لِأَهْلِ الْبَاطِلِ يُخْرِجُ عَنِ اسْمِ الصَّلَاحِ وَجَوَازُ سَبِّ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِلِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَا يَسُوءُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ فِيهِ لَكِنْ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ جَازَ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا لَهُ وَإِطْلَاقُ الْكَذِبِ عَلَى الْخَطَأِ وَالْقَسَمُ بِلَفْظِ لَعَمْرِ اللَّهِ وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى قَطْعِ الْخُصُومَةِ وَتَسْكِينِ ثَائِرَةِ الْفِتْنَةِ وَسَدِّ ذَرِيعَةِ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ بِزَوَالِ أَغْلَظِهِمَا وَفَضْلُ احْتِمَالُ الْأَذَى وَفِيهِ مُبَاعَدَةُ مَنْ خَالَفَ الرَّسُولَ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا حَمِيمًا وَفِيهِ أَنَّ مَنْ آذَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُقْتَلُ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مُسَاعَدَةُ مَنْ نَزَلَتْ فِيهِ بَلِيَّةٌ بِالتَّوَجُّعِ وَالْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ وَفِيهِ تَثَبُّتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي الْأُمُورِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ تَمَادِي الْحَالِ فِيهَا شَهْرًا كَلِمَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ وَاللَّهِ مَا قِيلَ لَنَا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَكيف بعد أَن أعزانا الله بِالْإِسْلَامِ وَقع ذَلِك فِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَفِيهِ ابْتِدَاءُ الْكَلَامِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ بِالتَّشَهُّدِ وَالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ وَتَوْقِيفُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَنْبٌ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015