قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ ظَالِمِي وَأَمَّا أَبَوَايَ فَمَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنْتُ لتخْرجن أَنْفسهَا فَرَقًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ اللَّهِ تَحْقِيقُ مَا يَقُولُ النَّاسُ وَنَحْوَهُ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ قَوْلُهُ فَلَمَّا سُرِّيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ كُشِفَ قَوْلُهُ وَهُوَ يَضْحَكُ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَفِي رِوَايَة بن حَاطِبٍ فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا زَالَ يَضْحَكُ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى نَوَاجِذِهِ سُرُورًا ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ قَوْلُهُ فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ يَا عَائِشَةُ وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ أَنْ قَالَ لِي يَا عَائِشَةُ احْمَدِي اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكَ زَادَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَبْشِرِي وَكَذَا فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْبُشْرَى يَا عَائِشَةُ فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ قَوْلُهُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ أَيْ بِمَا أَنْزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ فَقَالَتْ أُمِّي قَوْمِي إِلَيْهِ قَالَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فَقَالَتْ لِي أُمِّي قَوْمِي إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُهُ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَحْمَدُ اللَّهَ لَا إياكما وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَذَمِّكُمَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ نَحْمَدُ اللَّهَ وَلَا نَحْمَدُكُمْ وَفِي رِوَايَةِ أُمِّ رُومَانَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَتْ نَحْمَدُ اللَّهَ لَا نَحْمَدُكَ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَكَذَا عِنْد الْوَاقِدِيّ وَفِي رِوَايَة بن حَاطِبٍ وَاللَّهِ لَا نَحْمَدُكَ وَلَا نَحْمَدُ أَصْحَابَكَ وَفِي رِوَايَةِ مِقْسَمٍ وَالْأَسْوَدِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَلَا نَحْمَدُكَ وَلَا نَحْمَدُ أَصْحَابَكَ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَانْتَزَعْتُ يَدِي مِنْهُ فَنَهَرَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُذْرُهَا فِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ مَا ذَكَرَتْهُ مِنَ الَّذِي خَامَرَهَا مِنَ الْغَضَبِ مِنْ كَوْنِهِمْ لَمْ يُبَادِرُوا بِتَكْذِيبِ مَنْ قَالَ فِيهَا مَا قَالَ مَعَ تَحَقُّقِهِمْ حسن طريقتها قَالَ بن الْجَوْزِيِّ إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ إِدْلَالًا كَمَا يَدُلُّ الْحَبِيبُ عَلَى حَبِيبِهِ وَقِيلَ أَشَارَتْ إِلَى إِفْرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهَا فَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي فَنَاسَبَ إِفْرَادُهُ بِالْحَمْدِ فِي الْحَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكُ الْحَمْدِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَعَ ذَلِكَ تَمَسَّكَتْ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا احْمَدِي اللَّهَ فَفَهِمَتْ مِنْهُ أَمْرَهَا بِإِفْرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَمْدِ فَقَالَتْ ذَلِكَ وَمَا أَضَافَتْهُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ مِنْ بَاعِثِ الْغَضَبِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا نَزَلَ عُذْرُهَا فَقَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهَا فَقُلْتُ أَلَا عَذَرْتَنِي فَقَالَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ مَا لَا أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم الْعَشْرُ الْآيَاتُ كُلُّهَا قُلْتُ آخِرُ الْعَشَرَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ لَكِن وَقع فِي رِوَايَة عَطاء الخرساني عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ جاؤوا إِلَى قَوْلِهِ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُور رَحِيم وَعدد الْآي إِلَى هَذَا الْموضع ثَلَاث عشر آيَةً فَلَعَلَّ فِي قَوْلِهَا الْعَشْرَ الْآيَاتِ مَجَازًا بِطَرِيقِ إِلْغَاءِ الْكَسْرِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَكَمِ بْنِ عتيبة مُرْسلا عَن الطَّبَرِيِّ لَمَّا خَاضَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا وَفِي آخِرِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْ سُورَةِ النُّورِ حَتَّى بلغ الخبيثات للخبيثين وَهَذَا فِيهِ تَجَوُّزٌ وَعِدَّةُ الْآيِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ سِتَّ عَشْرَةَ وَفِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ فَنَزَلَتْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ آيَةً مُتَوَالِيَةً كَذَّبَتْ مَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ إِن الَّذين جاؤوا إِلَى قَوْله رزق كريم وَفِيهِ مَا فِيهِ أَيْضًا وَتَحْرِيرُ الْعِدَّةِ سَبْعَ عَشْرَةَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ مِنَ التَّغْلِيظِ فِي مَعْصِيةٍ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَأَشْبَعِهَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَالْعِتَابِ الْبَلِيغِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015