مَعَ رِوَايَتِهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا وَتَصْرِيحِهَا فِيهِ بِأَنَّ قِصَّةَ الْإِفْكِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْمُرَيْسِيعِ كَانَت بعد الْحجاب وَسلم من هَذَا بن إِسْحَاق قَالَ الْمُرَيْسِيعَ عِنْدَهُ فِي شَعْبَانَ لَكِنْ سَنَةَ سِتٍّ وَسَلِمَ الْوَاقِدِيُّ مِنَ التَّنَاقُضِ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْآتِي ذِكْرُهَا نَعَمْ وَسَلِمَ مِنْهَا بن إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي الْقِصَّةِ أَصْلًا كَمَا سَأُبَيِّنُهُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ صِحَّةَ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْحِجَابَ كَانَ قَبْلَ قِصَّةِ الْإِفْكِ قَوْلُ عَائِشَةَ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْهَا وَفِيهِ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَكُلُّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ زَيْنَبَ كَانَتْ حِينَئِذٍ زَوْجَتُهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ آيَةَ الْحِجَابِ نَزَلَتْ حِينَ دُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فَثَبَتَ أَنَّ الْحِجَابَ كَانَ قَبْلَ قِصَّةِ الْإِفْكِ وَقَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ أَنَّ قِصَّةَ الْإِفْكِ وَقَعَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ وَهُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ فَلْيُصَلَّحْ هُنَاكَ قَوْلُهُ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي أَيْ بِقَوْلِهِ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَصَرَّحَ بِهَا بن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ وَكَأَنَّهُ شَقَّ عَلَيْهِ مَا جَرَى لِعَائِشَةَ أَوْ خَشِيَ أَنْ يَقَعَ مَا وَقَعَ أَوْ أَنَّهُ اكْتَفَى بِالِاسْتِرْجَاعِ رَافِعًا بِهِ صَوْتَهُ عَنْ مُخَاطَبَتِهَا بِكَلَامٍ آخَرَ صِيَانَةً لَهَا عَنِ الْمُخَاطَبَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُ التَّكْبِيرَ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِيقَاظِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى فِطْنَةِ صَفْوَانَ وَحُسْنِ أَدَبِهِ قَوْلُهُ فَخَمَّرْتُ أَيْ غَطَّيْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي أَيِ الثَّوْبُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الطَّهَارَةِ قَوْلُهُ وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً عَبَّرَتْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ اسْتَمَرَّ مِنْهُ تَرْكُ الْمُخَاطَبَةِ لِئَلَّا يُفْهَمُ لَوْ عَبَّرَتْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي اخْتِصَاصُ النَّفْيِ بِحَالِ الِاسْتِيقَاظِ فَعَبَّرَتْ بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ قَوْلُهُ وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ حَتَّى للاصيلي وَحين لِلْبَاقِينَ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ مَعْمَرٍ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ نَفْيٌ أَنَّهُ كَلَّمَهَا بِغَيْرِ الِاسْتِرْجَاعِ لِأَنَّ النَّفْيَ عَلَى رِوَايَةِ حِينَ مُقَيَّدٌ بِحَال إناخة الرَّاحِلَة فَلَا يَمْنَعُ مَا قَبْلَ الْإِنَاخَةِ وَلَا مَا بَعْدَهَا وَعَلَى رِوَايَةِ حَتَّى مَعْنَاهَا بِجَمِيعِ حَالَاتِهِ إِلَى أَنْ أَنَاخَ وَلَا يَمْنَعُ مَا بَعْدَ الْإِنَاخَةِ وَقَدْ فَهِمَ كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَّاحِ أَنَّهَا أَرَادَتْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ نَفْيُ الْمُكَالَمَةِ الْبَتَّةُ فَقَالُوا اسْتَعْمَلَ مَعَهَا الصَّمْتُ اكْتِفَاءً بِقَرَائِنِ الْحَالِ مُبَالَغَةً مِنْهُ فِي الْأَدَبِ وَإِعْظَامًا لَهَا وَإِجْلَالًا انْتَهَى وَقَدْ وَقع فِي رِوَايَة بن سحق أَنَّهُ قَالَ لَهَا مَا خَلْفَكِ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا ارْكَبِي وَأَسْتَأْخِرَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ فَاسْتَرْجَعَ وَأَعْظَمَ مَكَانِي أَيْ حِينَ رَآنِي وَحْدِي وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي فَسَتَرْتُ وَجْهِي عَنْهُ بجلبابي وأخبرته بأَمْري فَقرب بعيره فوطيء عَلَى ذِرَاعِهِ فَوَلَّانِي قَفَاهُ فَرَكِبْتُ وَفِي حَدِيثِ بن عُمَرَ فَلَمَّا رَآنِي ظَنَّ أَنِّي رَجُلٌ فَقَالَ يَا نَوْمَانُ قُمْ فَقَدْ سَارَ النَّاسُ وَفِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَاسْتَرْجَعَ وَنَزَلَ عَنْ بَعِيرِهِ وَقَالَ مَا شَأْنُكِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَدَّثته بِأَمْر القلادة قَوْله فوطيء عَلَى يَدِهَا أَيْ لِيَكُونَ أَسْهَلَ لِرُكُوبِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مَسِّهَا عِنْدَ رُكُوبِهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَغَطَّى وَجْهَهُ عَنْهَا ثُمَّ أَدْنَى بعيره مِنْهَا قَوْله فَانْطَلق يَقُود بن الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ إِلَّا فِي مُرْسَلِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ رَكِبَ مَعَهَا مُرْدِفًا لَهَا وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ هُوَ الصَّحِيحُ قَوْلُهُ بعد مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نَازِلِينَ فِي وَقْتِ الْوَغْرَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ لَمَّا تَكُونُ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَمِنْهُ أُخِذَ وَغْرُ الصَّدْرِ وَهُوَ تَوَقُّدُهُ مِنَ الْغَيْظِ بِالْحِقْدِ وَأَوْغَرَ فُلَانٌ إِذَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَأَصْبَحَ وَأَمْسَى وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَن عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مَا قَوْلُهُ مُوغِرِينَ قَالَ الْوَغْرَةُ شِدَّةُ الْحَرِّ وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ