مِنْهُ الرَّيْبَ وَأَرَابَهُ إِذَا ظَنَّ ذَلِكَ بِهِ وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَحْدَهُ بِهَمْزَةٍ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الرَّأْبِ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ يُقَالُ فِيهِ رَأَبَ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذَا أَصْلَحَ بَيْنَهُمْ وَفِي تَوْجِيهِهِ هُنَا بُعْدٌ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الصَّوَابُ مَا أَرَبَكُمْ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحَتَيْنِ مِنَ الْأَرَبِ وَهُوَ الْحَاجَةُ وَهَذَا وَاضِحُ الْمَعْنَى لَوْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ نَعَمْ رَأَيْتُهُ فِي رِوَايَةِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْد الطَّبَرِيّ كَذَلِك وَذكر بن التِّينِ أَنَّ رِوَايَةَ الْقَابِسِيِّ كَرِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ لَكِنْ بِتَحْتَانِيَّةٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الرَّأْيِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فِي رِوَايَةِ الْعِلْمِ لَا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ وَفِي الِاعْتِصَامِ لَا يُسْمِعُكُمْ مَا تَكْرَهُونَ وَهِيَ بِمَعْنًى وَكُلُّهَا بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَجُوزُ السُّكُونُ وَكَذَا النَّصْبُ أَيْضًا قَوْلُهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فِي رِوَايَة التَّوْحِيد فَقَالَ بَعضهم لنسألنه وَاللَّامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ قَوْلُهُ فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فِي رِوَايَةِ التَّوْحِيدِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ وَفِي رِوَايَة الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ قَالَ بن التِّينِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُرَادِ بِالرُّوحِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ رُوحُ الْإِنْسَانِ الثَّانِي رُوحُ الْحَيَوَانِ الثَّالِثُ جِبْرِيلُ الرَّابِعُ عِيسَى الْخَامِسُ الْقُرْآنُ السَّادِسُ الْوَحْيُ السَّابِعُ مَلَكٌ يَقُومُ وَحْدَهُ صَفًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّامِنُ مَلَكٌ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ جَنَاحٍ وَوَجْهٍ وَقِيلَ مَلَكٌ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ وَقِيلَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ وَجْهٍ فِي كُلِّ وَجْهٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ لِكُلِّ لِسَانٍ أَلْفُ لُغَةٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ اللَّهُ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكًا يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ مَلَكٌ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى وَرَأْسُهُ عِنْدَ قَائِمَةِ الْعَرْشِ التَّاسِعُ خَلْقٌ كَخَلْقِ بَنِي آدَمَ يُقَالُ لَهُمُ الرُّوحُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ لَا يَنْزِلُ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا نَزَلَ مَعَهُ وَقِيلَ بَلْ هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا بِزِيَادَاتٍ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَهَذَا إِنَّمَا اجْتَمَعَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي مَعْنَى لَفْظِ الرُّوحِ الْوَارِدِ فِي الْقُرْآنِ لَا خُصُوصِ هَذِهِ الْآيَةِ فَمِنَ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ نَزَلَ بِهِ الرّوح الْأمين وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك روحا من أمرنَا يلقى الرّوح من أمره وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صفا تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا فَالْأَوَّلُ جِبْرِيلُ وَالثَّانِي الْقُرْآنُ وَالثَّالِثُ الْوَحْيُ وَالرَّابِعُ الْقُوَّةُ وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ مُحْتَمِلٌ لِجِبْرِيلَ وَلِغَيْرِهِ وَوَقَعَ إِطْلَاقُ رُوحِ اللَّهِ عَلَى عِيسَى وَقَدْ رَوَى بن إِسْحَاق فِي تَفْسِيره بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الرُّوحُ مِنَ اللَّهِ وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَصُوَرٌ كَبَنِي آدَمَ لَا يَنْزِلُ مَلَكٌ إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّوحِ وَثَبَتَ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يُفَسِّرُ الرُّوحَ أَيْ لَا يُعَيِّنُ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْآيَةِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ حَكَوْا فِي الْمُرَادِ بِالرُّوحِ فِي الْآيَةِ أَقْوَالًا قِيلَ سَأَلُوهُ عَنْ جِبْرِيلَ وَقِيلَ عَنْ مَلَكٍ لَهُ أَلْسِنَةٌ وَقَالَ الْأَكْثَرُ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ سَأَلُوهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ مَسْلَكِ الرُّوحِ فِي الْبَدَنِ وَامْتِزَاجِهِ بِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الرَّاجِحُ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ رُوحِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَا تَعْتَرِفُ بِأَنَّ عِيسَى رُوحُ اللَّهِ وَلَا تَجْهَلُ أَنَّ جِبْرِيلَ مَلَكٌ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَرْوَاحٌ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْحَيَاةِ وَأَنَّ الْجَوَابَ وَقَعَ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ وَبَيَانُهُ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الرُّوحِ يَحْتَمِلُ عَنْ مَاهِيَّتِهِ وَهَلْ هِيَ مُتَحَيِّزَةٌ أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ حَالَّةٌ فِي مُتَحَيِّزٍ أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ حَادِثَةٌ وَهَلْ تَبْقَى بَعْدَ انْفِصَالِهَا مِنَ الْجَسَدِ أَوْ تَفْنَى وَمَا حَقِيقَةُ تَعْذِيبِهَا وَتَنْعِيمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا قَالَ وَلَيْسَ فِي السُّؤَالِ مَا يُخَصِّصُ أَحَدَ هَذِهِ الْمَعَانِي إِلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الْمَاهِيَّةِ وَهَلِ الرُّوحُ قَدِيمَةٌ أَوْ حَادِثَةٌ وَالْجَوَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ مُغَايِرٌ لِلطَّبَائِعِ وَالْأَخْلَاطِ وَتَرْكِيبِهَا فَهُوَ جَوْهَرٌ بَسِيطٌ مُجَرَّدٌ لَا يَحْدُثُ إِلَّا بمحدث