(قَوْلُهُ بَابُ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا)

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الشَّفَاعَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِهِ فِي الرِّقَاقِ وَأَوْرَدَهُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِيهِ يَقُولُونَ يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا وَقَدْ مَضَى الْبَحْثُ فِي كَوْنِهِ أَوَّلَ الرُّسُلِ فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ وَقَوْلُهُ فِيهِ فِي ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَنْ دُونَ أَبِي حَيَّانَ اخْتَصَرَ ذَلِكَ وَأَبُو حَيَّانَ هُوَ الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ كَانَ عبدا شكُورًا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقد صحّح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ كَانَ نُوحٌ إِذَا طَعِمَ أَوْ لَبِسَ حَمِدَ اللَّهَ فَسُمِّيَ عبدا شكُورًا وَله شَاهد عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ وَآخَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي فَاطِمَةَ وَقَوْلُهُ يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْفَاءِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ أَيْ يَخْرِقُهُمْ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ أَيْ يُحِيطُ بِهِمْ وَالذَّالُ مُعْجَمَةٌ فِي الرِّوَايَةِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ يَبْلُغُ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى يُحِيطُ بِهِمُ الرَّائِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِاسْتِوَاءِ الْأَرْضِ فَلَا يَكُونُ فِيهَا مَا يَسْتَتِرُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرَّائِي وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَأْتِي عَلَيْهِمْ بَصَرُ الرَّحْمَنِ إِذْ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى مُحِيطَةٌ بِجَمِيعِهِمْ فِي كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ الصَّعِيدُ الْمُسْتَوِي وَغَيْرِهِ وَيُقَالُ نَفَذَهُ الْبَصَرُ إِذَا بَلَغَهُ وَجَاوَزَهُ وَالنَّفَاذُ الْجَوَازُ وَالْخُلُوصُ مِنَ الشَّيْءِ وَمِنْهُ نَفَذَ السَّهْمُ إِذَا خَرَقَ الرَّمِيَّةَ وَخرج مِنْهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015