قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُم فَأَنَا أَسْتَغْفِرُ لَهُمْ سَبْعِينَ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِينَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ جَعَلَ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةً وَكَذَا مَفْهُومُ الصِّفَةِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِمَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ بِخِلَافِ السَّبْعِينَ فَقَالَ سَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ وَأَجَابَ مَنْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِالْمَفْهُومِ بِمَا وَقَعَ فِي بَقِيَّةِ الْقِصَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَافِعٍ لِلْحُجَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُمِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالسَّبْعِينَ الْمُبَالَغَةُ لَكَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْمَفْهُومِ بَاقِيًا قَوْلُهُ قَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ أَمَّا جَزْمُ عُمَرَ بِأَنَّهُ مُنَافِقٌ فَجَرَى عَلَى مَا كَانَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ إِجْرَاءً لَهُ عَلَى ظَاهِرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَاسْتِصْحَابًا لِظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِكْرَامِ وَلَدِهِ الَّذِي تَحَقَّقَتْ صَلَاحِيَتُهُ وَمَصْلَحَةُ الِاسْتِئْلَافِ لِقَوْمِهِ وَدَفْعُ الْمَفْسَدَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يَصْبِرُ عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَيَعْفُو وَيَصْفَحُ ثُمَّ أُمِرَ بِقِتَال الْمُشْركين فاستمر صفحه وعفوه عَمَّن يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَلَوْ كَانَ بَاطِنُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الِاسْتِئْلَافِ وَعَدَمِ التَّنْفِيرِ عَنْهُ وَلِذَلِكَ قَالَ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ فَلَمَّا حَصَلَ الْفَتْحُ وَدَخَلَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْإِسْلَامِ وَقَلَّ أَهْلُ الْكُفْرِ وَذَلُّوا أُمِرَ بِمُجَاهَرَةِ الْمُنَافِقِينَ وَحَمْلِهِمْ عَلَى حُكْمِ مُرِّ الْحَقِّ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ النَّهْيِ الصَّرِيح عَن الصَّلَاة علىالمنافقين وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُمِرَ فِيهِ بِمُجَاهِرَتِهِمْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ عَمَّا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مَا فَعَلَ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ بِطَرَفٍ مِنَ الدِّينِ وَلِتَطْيِيبِ قَلْبِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلِتَأَلُّفِ قَوْمِهِ مِنَ الْخَزْرَجِ لِرِيَاسَتِهِ فِيهِمْ فَلَوْ لَمْ يُجِبْ سُؤَالَ ابْنِهِ وَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُرُودِ النَّهْيِ الصَّرِيحِ لَكَانَ سُبَّةً عَلَى ابْنِهِ وَعَارًا عَلَى قَوْمِهِ فَاسْتَعْمَلَ أَحْسَنَ الْأَمْرَيْنِ فِي السِّيَاسَةِ إِلَى أَنْ نُهِيَ فَانْتَهَى وَتَبِعَهُ بن بَطَّالٍ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَرَجَا أَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدًا لبَعض مَا كَانَ يظهره من الْإِسْلَام وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتَبَعَّضُ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِن مُرَاد بن بَطَّالٍ أَنَّ إِيمَانَهُ كَانَ ضَعِيفًا قُلْتُ وَقَدْ مَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى تَصْحِيحِ إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ وَذَهَلَ عَنِ الْوَارِدِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ فِي حَقِّهِ بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى جَوَابٍ شَافٍ فِي ذَلِكَ فَأَقْدَمَ عَلَى الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ مَحْجُوجٍ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى نَقِيضِ مَا قَالَ وَإِطْبَاقِهِمْ عَلَى تَرْكِ ذِكْرِهِ فِي كُتُبِ الصَّحَابَةِ مَعَ شُهْرَتِهِ وَذِكْرُ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الشَّرَفِ وَالشُّهْرَةِ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تقم على قَبره قَالَ فَذَكَرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ قَمِيصِي مِنَ اللَّهِ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ بِذَلِكَ أَلْفٌ مِنْ قَوْمِهِ قَوْلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره زَادَ عَنْ مُسَدَّدٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي آخِره فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ يَحْيَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجَنَائِزِ عَنْ مُسَدَّدٍ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت زَاد بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ بِسَنَدِهِ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ قَالَ فَمَا صَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُنَافِقٍ بَعْدَهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَمِنْ هَذَا الْوَجْه أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن إِسْحَاقَ فَزَادَ فِيهِ وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015