أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ وَفِي آخِرِ رِوَايَةِ قَتَادَةَ لِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ السَّلَامُ بهَا يَتَعَارَفُونَ وَأخرج بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُم السَّلَام فِي مِرْدَاسٍ وَهَذَا شَاهِدٌ حَسَنٌ وَوَرَدَ فِي سَبَب نُزُولهَا عَن غير بن عَبَّاس شَيْء آخر فروى بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَمَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمٌ فَقَتَلَهُ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَذكر هَذِه الْآيَة وأخرجها بن إِسْحَاق من طَرِيق بن عُمَرَ أَتَمَّ سِيَاقًا مِنْ هَذَا وَزَادَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عَامِرٍ وَمُحَلِّمٍ عَدَاوَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهَذِهِ عِنْدِي قِصَّةٌ أُخْرَى وَلَا مَانِعَ أَنْ تَنْزِلَ الْآيَةُ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا قَوْلُهُ فِي آخر الحَدِيث قَالَ قَرَأَ بن عَبَّاسٍ السَّلَامَ هُوَ مَقُولُ عَطَاءٍ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّهَا قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِ وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ شَيْئًا مِنْ عَلَامَاتِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَحِلَّ دَمُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ أَمْرُهُ لِأَنَّ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ تَحِيَّتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَكَانَتْ هَذِهِ عَلَامَةً وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ السَّلَمِ عَلَى اخْتِلَافِ ضَبْطِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الِانْقِيَادُ وَهُوَ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِسْلَامِ فِي اللُّغَةِ الِانْقِيَادُ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عَلَى تَفَاصِيلَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيرهم وَالله أعلم