الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ قَالَ شَكٌّ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَة الْمُشْتَبِهَاتُ الْبَابُ الَّذِي ضَلُّوا مِنْهُ وَبِهِ هَلَكُوا قَوْله والراسخون فِي الْعلم يعلمُونَ وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ الْآيَةَ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ الرَّاسِخُونَ كَمَا يَسْمَعُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا الْمُتَشَابِهُ وَالْمُحْكَمُ فَآمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ فَأَصَابُوا وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَن تكون الْوَاو فِي وَالرَّاسِخُونَ عَاطِفَةً عَلَى مَعْمُولِ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بِهِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ بِهَا الْقِرَاءَةُ لَكِنْ أَقَلَّ دَرَجَاتِهَا أَنْ تَكُونَ خَبَرًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى تُرْجَمَانِ الْقُرْآنِ فَيُقَدَّمُ كَلَامُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى ذَمِّ مُتَّبِعِي الْمُتَشَابِهِ لِوَصْفِهِمْ بِالزَّيْغِ وَابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ وَصَرَّحَ بِوَفْقِ ذَلِكَ حَدِيثُ الْبَابِ وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى مَدْحِ الَّذِينَ فَوَّضُوا الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ كَمَا مَدَحَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْغَيْبِ وَحَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِثْلَ ذَلِكَ أَعْنِي وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بِهِ تَنْبِيهٌ سَقَطَ جَمِيعُ هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هُنَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ وَثَبَتَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنْ شَيْخِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ آثَارٌ أُخْرَى فَفِي أَوَّلِ السُّورَةِ قَوْلُهُ تُقَاةٌ وَتَقِيَّةٌ وَاحِدٌ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تَقِيَّةً

[4547] قَوْلُهُ التُّسْتَرِيُّ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ قَوْلُهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَة قد سمع بن أَبِي مُلَيْكَةَ مِنْ عَائِشَةَ كَثِيرًا وَكَثِيرًا أَيْضًا مَا يَدْخُلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَاسِطَةٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيق أبي عَامر الجزار عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا فِي الْبَابِ بِزِيَادَةِ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَاسِمَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ انْتَهَى وَقَدْ أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ جَمِيعًا عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ فَلَمْ يَنْفَرِدْ يَزِيدُ بِزِيَادَة الْقَاسِم وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْقَاسِمِ أَيُّوبُ أَخْرَجَهُ بن ماجة من طَرِيقه وَنَافِع بن عمر وبن جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ تَلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ محكمات هن أم الْكتاب وَآخر متشابهات قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ أَصْلُ الْمُتَشَابِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْأَشْيَاءُ الْمُتَشَابِهَةُ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مُشَابِهًا لِلْآخَرِ فَصَحَّ وَصْفُهَا بِأَنَّهَا مُتَشَابِهَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْآيَةَ وَحْدَهَا مُتَشَابِهَةٌ فِي نَفْسِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْوَصْفِ فِي الْجَمْعِ صِحَّةُ انْبِسَاطِ مُفْرَدَاتِ الْأَوْصَافِ عَلَى مُفْرَدَاتِ الْمَوْصُوفَاتِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ قِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ جَادَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ عِيسَى وَقِيلَ فِي أَمْرِ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ أَمْرَ عِيسَى قَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ فَهُوَ مَعْلُومٌ لِأُمَّتِهِ بِخِلَافِ أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّ عِلْمَهُ خَفِيٌّ عَنِ الْعِبَادِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُحْكَمُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا وَضَحَ مَعْنَاهُ وَالْمُتَشَابِهُ نَقِيضُهُ وَسُمِّيَ الْمُحْكَمُ بِذَلِكَ لِوُضُوحِ مُفْرَدَاتِ كَلَامِهِ وَإِتْقَانِ تَرْكِيبِهِ بِخِلَافِ الْمُتَشَابِهِ وَقِيلَ الْمُحْكَمُ مَا عُرِفَ الْمُرَادُ مِنْهُ إِمَّا بِالظُّهُورِ وَإِمَّا بِالتَّأْوِيلِ وَالْمُتَشَابِهُ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ كَقِيَامِ السَّاعَةِ وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ وَالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ أَقْوَالٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ نَحْوُ الْعَشَرَةِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا وَمَا ذَكَرْتُهُ أَشْهَرُهَا وَأَقْرَبُهَا إِلَى الصَّوَاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015