الِاحْتِمَالِ لَا يَنْهَضُ الِاسْتِدْلَالُ فَكَيْفَ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى النَّصِّ الصَّرِيحِ بِأَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ حَاصِلُ أَدِلَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا غَيْرُ الْعَصْرِ يَرْجِعُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا تَنْصِيصُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ مِمَّنْ قَالَ مِنْهُمْ إِنَّهَا الْعَصْرُ وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ الْعَصْرِ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الْمَرْفُوعِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ فَتَبْقَى حُجَّةُ الْمَرْفُوعِ قَائِمَةً ثَانِيهَا مُعَارَضَةُ الْمَرْفُوعِ بِوُرُودِ التَّأْكِيدِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهَا كَالْحَثِّ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ الْوَارِدُ فِي تَرْكِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا ثَالِثُهَا مَا جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ مِنْ قِرَاءَةِ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَهَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ إِثْبَاتُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَكَوْنُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ سَلَّمْنَا لَكِنْ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِلْمَنْصُوصِ صَرِيحًا وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْعَطْفُ صَرِيحًا فِي اقْتِضَاءِ الْمُغَايَرَةِ لِوُرُودِهِ فِي نَسَقِ الصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ أَحْوَالِ يَوْمِ الْخَنْدَقِ فِي الْمَغَازِي وَمَا يَتَعَلَّقُ بِقَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ أَجْوَافَهُمْ نَارًا شَكَّ يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ رَاوِي الْحَدِيثِ وَأَشْعَرَ هَذَا بِأَنَّهُ سَاقَ الْمَتْنَ عَلَى لَفْظِهِ وَأَمَّا لَفْظُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ بِلَفْظِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا وَلَمْ يَشُكَّ وَهُوَ لَفْظُ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ كَمَا مَضَى فِي الْمَغَازِي وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ كَمَا مَضَى فِي الْجِهَادِ وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَن هِشَام وَكَذَا لَهُ من رِوَايَةِ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو وَمِنْ طَرِيقِ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ قَالَ قُبُورهم وبطونهم وَمن حَدِيث بن مَسْعُودٍ مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ أَوْ قُبُورَهُمْ نَارًا أَو حشى اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا أَوْ قُلُوبَهُمْ وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الشَّكُّ مَرْجُوحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْركين بِمثل ذَلِك قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ تَرَدُّدُ الرَّاوِي فِي قَوْلِهِ مَلَأَ الله أَو حشى يُشْعِرُ بِأَنَّ شَرْطَ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى أَنْ يَتَّفِقَ الْمَعْنى فِي اللَّفْظَيْنِ وملأ لَيْسَ مرادفا لحشى فَإِن حشي يَقْتَضِي التَّرَاكُمَ وَكَثْرَةَ أَجْزَاءِ الْمَحْشُوِّ بِخِلَافِ مَلَأَ فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ مَنَعَ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنَّهُ تَضَمَّنَ دُعَاءً صَدَرَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مُشْرِكًا وَلَمْ يَقَعْ أَحَدُ الشِّقَّيْنِ وَهُوَ الْبُيُوتُ أَمَّا الْقُبُورُ فَوَقَعَ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مُشْرِكًا لَا مَحَالَةَ وَيُجَابُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى سُكَّانِهَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ رُجْحَانُ الرِّوَايَة بِلَفْظ قُلُوبهم أَو اجوافهم
أَي مُطِيعِينَ هُوَ تَفْسِير بن مَسْعُود أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَنَقَلَهُ أَيْضًا عَنِ بن عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَذَكَرَ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَانِتِينَ أَيْ مُصَلِّينَ وَعَنْ