الْوَتْرِ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ ثُمَّ ظَهَرَ لِي احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ دَعَا لِلْخَيْلِ وَالرِّجَالِ أَوْ لَهُمَا مَعًا ثُمَّ أَرَادَ التَّأْكِيدَ فِي تَكْرِيرِ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا فَدَعَا لِلرِّجَالِ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَلِلْخَيْلِ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لِيَكْمُلَ لِكُلٍّ مِنَ الصِّنْفَيْنِ ثَلَاثًا فَكَانَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا قِيلَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ هَادِيًا حَتَّى يَكُونَ مَهْدِيًّا وَقِيلَ مَعْنَاهُ كَامِلًا مُكَمَّلًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالِ إِمْرَارِ يَدِهِ عَلَيْهِ فِي الْمَرَّتَيْنِ وَزَادَ وَبَارِكْ فِيهِ وَفِي ذُرِّيَّتِهِ تَنْبِيهٌ كَلَامُ الْمِزِّيِّ فِي الْأَطْرَافِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ هُنَا مِنْ طَرِيقَيْنِ قَوْلُهُ فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا أَيْ هَدَمَ بِنَاءَهَا وَرَمَى النَّارَ فِيمَا فِيهَا مِنَ الْخَشَبِ

[4357] قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ الْيَمَنَ إِلَخْ يُشْعِرُ بِاتِّحَادِ قِصَّتِهِ فِي غَزْوَةِ ذِي الْخَلَصَةِ بِقِصَّةِ ذَهَابِهِ إِلَى الْيَمَنِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَمْرِ ذِي الْخَلَصَةِ وَأَرْسَلَ رَسُولَهُ مُبَشِّرًا اسْتَمَرَّ ذَاهِبًا إِلَى الْيَمَنِ لِلسَّبَبِ الَّذِي سَيُذْكَرُ بَعْدَ بَابٍ وَقَوْلُهُ يَسْتَقْسِمُ أَيْ يَسْتَخْرِجُ غَيْبَ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ وَحَكَى أَبُو الْفَرْجِ الْأَصْبِهَانِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْسِمُونَ عِنْدَ ذِي الْخَلَصَةِ وَأَنَّ امْرَأَ الْقِيسِ لَمَّا خَرَجَ يَطْلُبُ بِثَأْرِ أَبِيهِ اسْتَقْسَمَ عِنْدهُ فَخَرَجَ لَهُ مَا يَكْرَهُ فَسَبَّ الصَّنَمَ وَرَمَاهُ بِالْحِجَارَةِ وَأَنْشَدَ لَوْ كُنْتَ يَا ذَا الْخَلَصِ الْمَوْتُورَا لَمْ تَنْهَ عَنْ قَتْلِ الْعُدَاةِ زُورًا قَالَ فَلَمْ يَسْتَقْسِمْ عِنْدَهُ أَحَدٌ بَعْدُ حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ قُلْتُ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَمَرُّوا يَسْتَقْسِمُونَ عِنْدَهُ حَتَّى نَهَاهُمُ الْإِسْلَامُ وَكَأَنَّ الَّذِي اسْتَقْسَمَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْلُغْهُ التَّحْرِيمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ حَتَّى زَجَرَهُ جَرِيرٌ قَوْلُهُ ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدهَا مُهْمَلَةٌ وَبَعْدَ الْأَلْفِ هَاءُ تَأْنِيثٍ وَاسْمُ أَبِي أَرْطَاةَ هَذَا حُصَيْنُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَعَ مُسَمًّى فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَلِبَعْضِ رُوَاتِهِ حُسَيْنٌ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ بَدَلَ الصَّادِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ سَمَّاهُ حِصْنٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَقَلَبَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ حُصَيْنٍ وَمِنْهُمْ مَنْ سَمَّاهُ أَرْطَاةَ وَالصَّوَابُ أَبُو أَرْطَاة حُصَيْن بن ربيعَة وَهُوَ بن عَامِرِ بْنِ الْأَزْوَرِ وَهُوَ صَحَابِيٌّ بَجَلِيٌّ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ نَزْعِ زِينَتِهَا وَإِذْهَابِ بَهْجَتِهَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ أَنَّهَا صَارَتْ مِثْلَ الْجَمَلِ الْمَطْلِيِّ بِالْقَطِرَانِ مِنْ جَرَبِهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا صَارَتْ سَوْدَاءَ لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ التَّحْرِيقِ وَوَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ وَقِيلَ إِنَّهَا رِوَايَةُ مُسَدَّدٍ أَجْوَفُ بِوَاوٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَفَاءٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا صَارَتْ صُورَةً بِغَيْرِ مَعْنَى وَالْأَجْوَفُ الْخَالِي الْجَوْفِ مَعَ كِبْرِهِ فِي الظَّاهِرِ وَوَقَعَ لِابْنِ بَطَّالٍ مَعْنَى قَوْلِهِ أَجْرَبُ أَيْ أَسْوَدُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَجْوَفُ أَيْ أَبْيَضُ وَحَكَاهُ عَنْ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيِّ وَأَنْكَرَهُ عِيَاضٌ وَقَالَ هُوَ تَصْحِيفٌ وَإِفْسَادٌ لِلْمَعْنَى كَذَا قَالَ فَإِنْ أَرَادَ إِنْكَارَ تَفْسِيرِ أَجْوَفَ بِأَبْيَضَ فَمَقْبُولٌ لِأَنَّهُ يُضَادُّ مَعْنَى الْأَسْوَدِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ حَرَقَهَا وَالَّذِي يُحْرَقُ يَصِيرُ أَثَرُهُ أَسْوَدَ لَا مَحَالَةَ فِيهِ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ أَبْيَضَ وَإِنْ أَرَادَ إِنْكَارَ لَفْظِ أَجْوَفَ فَلَا إِفْسَادَ فِيهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ صَارَ خَالِيًا لَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا قَرَّرْتُهُ وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ إِزَالَةِ مَا يُفْتَتَنُ بِهِ النَّاسُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءً كَانَ إِنْسَانًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ جَمَادًا وَفِيهِ اسْتِمَالَةُ نُفُوسِ الْقَوْمِ بِتَأْمِيرِ مَنْ هُوَ مِنْهُمْ وَالِاسْتِمَالَةُ بِالدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ وَالْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ وَفَضْلُ رُكُوبِ الْخَيْلِ فِي الْحَرْبِ وَقَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَمَنَاقِبُ لِجَرِيرٍ وَلِقَوْمِهِ وَبَرَكَةُ يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَائِهِ وَأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو وِتْرًا وَقَدْ يُجَاوِزُ الثَّلَاثَ وَفِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015