اسْتَشْكَلَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ مَعَ أَنَّهَا مَاتَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْرُوقٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنَ الْيَمَنِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ قَالَ الْخَطِيبُ لَا نَعْلَمُهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ غَيْرَ حُصَيْنٍ وَمَسْرُوقٌ لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ رُومَانَ وَكَانَ يُرْسِلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهَا وَيَقُولُ سُئِلَتْ أُمُّ رُومَانَ فَوَهَمَ حُصَيْنٌ فِيهِ حَيْثُ جَعَلَ السَّائِلَ لَهَا مَسْرُوقًا أَوْ يَكُونُ بَعْضُ النَّقَلَةِ كَتَبَ سُئِلَتْ بِأَلِفٍ فَصَارَتْ سَأَلْتُ فَقُرِئَتْ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ إِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ قَدْ رَوَاهُ عَن حُصَيْن على الصَّوَاب يَعْنِي بالعنعنة قَالَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الِاتِّصَالِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ عِلَّةٌ انْتَهَى وَقَدْ حَكَى الْمِزِّيُّ كَلَامَ الْخَطِيبِ هَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي الْأَطْرَافِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بَلْ أَقَرَّهُ وَزَاد أَنه روى عَن مَسْرُوق عَن بن مَسْعُودٍ عَنْ أُمِّ رُومَانَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ كَذَا قَالَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاذَّةٌ وَهِيَ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بَعْدَ التَّأَمُّلِ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّ عُمْدَةَ الْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي دَعْوَى الْوَهَمِ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ أُمَّ رُومَانَ مَاتَتْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقيل سنة خمس وَقيل سِتّ وَهُوَ شَيْء ذكره الْوَاقِدِيّ وَلَا يتعقب الْأَسَانِيدُ الصَّحِيحَةُ بِمَا يَأْتِي عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ فِيهِ ضَعْفٌ أَنَّ أُمَّ رُومَانَ مَاتَتْ سَنَةَ سِتٍّ فِي ذِي الْحَجَّةِ وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى رَدِّ ذَلِكَ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أُمَّ رُومَانَ فِي فَصْلِ مَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَاتَتْ أُمُّ رُومَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ سِتٍّ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَحَدِيثُ مَسْرُوقٍ أَسْنَدُ أَيْ أَقْوَى إِسْنَادًا وَأَبْيَنُ اتِّصَالًا انْتَهَى وَقَدْ جَزَمَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ بِأَنَّ مَسْرُوقًا سَمِعَ مِنْ أُمِّ رُومَانَ وَلَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَمَاعُهُ مِنْهَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ لِأَنَّ مَوْلِدَ مَسْرُوقٍ كَانَ فِي سَنَةِ الْهِجْرَةِ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبِهَانِيُّ عَاشَتْ أُمُّ رُومَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْخَطِيبُ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَالزُّبَيْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا نزلت آيةالتخيير بَدَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَائِشَةَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكِ أَمْرًا فَلَا تَفْتَاتِي فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَعْرِضِيهِ عَلَى أَبَوَيْكِ أَبِي بَكْرٍ وَأُمِّ رُومَانَ الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ تَسْمِيَةِ أُمِّ رُومَانَ وَآيَةُ التَّخْيِيرِ نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ اتِّفَاقًا فَهَذَا دَالٌّ على تَأَخّر مَوْتِ أُمِّ رُومَانَ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَالزُّبَيْرُ أَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ أَضْيَافِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي وَامْرَأَتَيَّ وَخَادِمٌ وَفِيهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو بَكْرٍ قَالَتْ لَهُ أُمِّي احْتَبَسْتَ عَنْ أَضْيَافِكَ الْحَدِيثَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ إِنَّمَا هَاجَرَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَهِجْرَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي سنة سبع فِي قَول بن سَعْدٍ وَفِي قَوْلِ الزُّبَيْرِ فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا لِأَنَّهُ رَوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ خَرَجَ فِي فِئَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَبْلَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكُونُ أُمُّ رُومَانَ تَأَخَّرَتْ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَاهُ فِيهِ وَفِي بَعْضِ هَذَا كِفَايَةٌ فِي التَّعَقُّبِ عَلَى الْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِيمَا تَعَقَّبُوهُ عَلَى هَذَا الْجَامِعِ الصَّحِيحِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ تَلْقَى كَلَامَ الْخَطِيبِ بِالتَّسْلِيمِ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ وَالسُّهَيْلِيُّ وبن سَيِّدِ النَّاسِ وَتَبِعَ الْمِزِّيُّ الذَّهَبِيَّ فِي مُخْتَصَرَاتِهِ وَالْعَلَائِيَّ فِي الْمَرَاسِيلِ وَآخَرُونَ وَخَالَفَهُمْ صَاحِبُ الْهَدْيِ قُلْتُ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي حَدِيثِ أُمِّ رُومَانَ مِنْ قِصَّةِ الْإِفْكِ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَوَجْهَ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[4144] قَوْلُهُ عَن بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ الله قَوْله عَن عَائِشَة فِي رِوَايَة بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ كَانَتْ تَقْرَأُ إِذْ تَلِقُونَهُ أَيْ بِكَسْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015