تقدم بَيَان ذَلِك من حَدِيث بن عَبَّاسٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَأَنَّهُمْ لَمَّا رَجَعُوا اخْتَلَطُوا بِالْمُشْرِكِينَ وَالْتَبَسَ الْعَسْكَرَانِ فَلَمْ يَتَمَيَّزُوا فَوَقَعَ الْقَتْلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَوْلُهُ فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَعَادَهَا تَأْكِيدًا وَإِنَّمَا ضَبَطَهُ لِئَلَّا يُصَحَّفَ بِأُبَيٍّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحدَة مَعَ التَّشْدِيد وَأفَاد بن سَعْدٍ أَنَّ الَّذِي قَتَلَ الْيَمَانَ خَطَأً عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بن عَبَّاس وَذكر بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ كَانَ الْيَمَانُ وَالِدُ حُذَيْفَةَ وَثَابِتُ بْنُ وَقْشٍ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَتَرَكَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَتَذَاكَرَا بَيْنَهُمَا وَرَغِبَا فِي الشَّهَادَةِ فَأَخَذَا سَيْفَيْهِمَا وَلَحِقَا بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ فَلَمْ يَعْرِفُوا بِهِمَا فَأَمَّا ثَابِتٌ فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ وَأَمَّا الْيَمَانُ فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَسْيَافُ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُ وَلَا يَعْرِفُونَهُ قَوْلُهُ قَالَ عُرْوَةُ إِلَخْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي المناقب وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ قَتَلْتُمْ أَبِي قَالُوا وَاللَّهِ مَا عَرَفْنَاهُ وَصَدَقُوا فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدِيَهُ فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَزَادَهُ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى بن التِّينِ حَيْثُ قَالَ إِنَّ الرَّاوِيَ سَكَتَ فِي قَتْلِ الْيَمَانِ عَمَّا يَجِبُ فِيهِ مِنَ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لَمْ تُفْرَضْ يَوْمَئِذٍ أَو اكْتفى بِعلم السَّامع

(قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ)

اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا يَوْمُ أُحُدٍ وَغَفَلَ مَنْ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَعَمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَهِيَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ حَيْثُ جَاءَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ المُرَاد بِهِ يَوْم بدر قَوْله استزلهم أَيْ زَيَّنَ لَهُمْ أَنْ يَزِلُّوا وَقَوْلُهُ بِبَعْضِ مَا كسبوا قَالَ بن التِّينِ يُقَالُ إِنَّ الشَّيْطَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015