ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تِلْوَ هَذِهِ الْآيَاتِ أَحَادِيثَ كالمفسرة للآيات الْمَذْكُورَة الْأَوَّلُ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ صَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ
[4042] بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ فِيهِ تَجَوُّزٌ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ أَيُّوبَ بْنِ بِشْرٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنهُ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ خَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ فَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَيْ عِنْدَ خُرُوجِهِ قَبْلَ أَنْ يَصْعَدَ الْمِنْبَرَ قَوْلُهُ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ تَابَعَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ وَتَوْدِيعُ الْأَحْيَاءِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ سِيَاقَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا تَوْدِيعُ الْأَمْوَاتِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ أَرَادَ بِذَلِكَ انْقِطَاعَ زِيَارَتِهِ الْأَمْوَاتَ بِجَسَدِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَهِيَ حَيَاةٌ أُخْرَوِيَّةٌ لَا تُشْبِهُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَوْدِيعِ الْأَمْوَاتِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْجَنَائِزِ وَفِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ وَالْأَصِيلِيِّ هُنَا قَبْلَ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ وَهَمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ فِي بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا أَبُو ذَرٍّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ مُتْقِنِي رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَلَا اسْتَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي هَذَا الْمَتْنِ يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَوْمَ أُحُدٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان