(قَوْلُهُ حَدِيثُ بَنِي النَّضِيرِ)

بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ هُمْ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ مَضَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى التَّعْرِيفِ بِهِمْ فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ الْهِجْرَةِ وَكَانَ الْكُفَّارُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ وَادَعَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُحَارِبُوهُ وَلَا يُمَالِئُوا عَلَيْهِ عَدُوَّهُ وَهُمْ طَوَائِفُ الْيَهُودِ الثَّلَاثَةِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَقَيْنُقَاعُ وَقِسْمٌ حَارَبُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ كَقُرَيْشٍ وَقِسْمٌ تَارَكُوهُ وَانْتَظَرُوا مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ كَطَوَائِفَ مِنَ الْعَرَبِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَهُ فِي الْبَاطِنِ كَخُزَاعَةَ وَبِالْعَكْسِ كَبَنِي بَكْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ مَعَهُ ظَاهِرًا وَمَعَ عَدُوِّهِ بَاطِنًا وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنَ الْيَهُودِ بَنُو قَيْنُقَاعَ فَحَارَبَهُمْ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ وَأَرَادَ قَتَلَهُمْ فَاسْتَوْهَبَهُمْ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ فَوَهَبَهُمْ لَهُ وَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَذْرِعَاتَ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ رَئِيسَهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخَطْبَ ثُمَّ نَقَضَتْ قُرَيْظَةُ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ حَالِهِمْ بَعْدَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ وَمَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ وَمَا أَرَادُوا مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ فِي نَقْلِ كَلَامِ بن إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَتَمَّ مِنْ هَذَا وَلَفْظُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَنَخْلُهُمْ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فَحَاصَرَهُمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَمْوَالِ لَا الْحَلْقَةُ يَعْنِي السِّلَاحَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ سَبَّحَ لله إِلَى قَوْله لأوّل الْحَشْر وَقَاتَلَهُمْ حَتَّى صَالَحَهُمْ عَلَى الْجَلَاءِ فَأَجْلَاهُمْ إِلَى الشَّامِ وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا خَلَا وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ والسباء وَقَوله لأوّل الْحَشْر فَكَانَ جَلَاؤُهُمْ أَوَّلَ حَشْرٍ حَشْرًا فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّام وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَجَّحَ مَا قَالَ بن إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ قَالَ وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْأَحْزَابِ قُلْتُ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ وَاهٍ فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ظَاهَرُوا الْأَحْزَابَ وَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَحْزَابِ ذِكْرٌ بَلْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي جَمْعِ الْأَحْزَابِ مَا وَقَعَ مِنْ جَلَائِهِمْ فَإِنَّهُ كَانَ من رؤوسهم حُيَيُّ بْنُ أَخَطَبَ وَهُوَ الَّذِي حَسَّنَ لِبَنِي قُرَيْظَةَ الْغَدْرَ وَمُوَافَقَةَ الْأَحْزَابِ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى كَانَ مِنْ هَلَاكِهِمْ مَا كَانَ فَكَيْفَ يَصِيرُ السَّابِقُ لَاحِقًا قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكتاب إِلَى قَوْله أَن يخرجُوا وَقَدْ وَضَّحَ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَثَرِ عبد الرَّزَّاق الْمَذْكُور وَقد أورد بن إِسْحَاقَ تَفْسِيرَهَا لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْغَزْوَةَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ خَاصَّةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لم يوجفوا عَلَيْهِم بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ قتال أصلا قَوْله وَجعله بن إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَأُحُدٍ كَذَا هُوَ فِي الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاقَ مَجْزُومًا بِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015