[289]
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَثَبَتَ بَابُ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ قَوْلُهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تشكرون إِلَى فتنقلبوا خائبين كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْأَصِيلِيِّ نَحْوَهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَنْتُم أَذِلَّة إِلَى قَوْله فتنقلبوا خائبين وَسَاقَ الْآيَاتِ كُلَّهَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ قَوْلُهُ بِبَدْرٍ هِيَ قَرْيَةٌ مَشْهُورَةٌ نُسِبَتْ إِلَى بَدْرِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ كَانَ نَزَلَهَا وَيُقَالُ بَدْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَيُقَالُ بَدْرٌ اسْمُ الْبِئْرِ الَّتِي بِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِدَارَتِهَا أَوْ لِصَفَاءِ مَائِهَا فَكَانَ الْبَدْرُ يُرَى فِيهَا وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ إِنْكَارَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ بَنِي غِفَارٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَأْوَانَا وَمَنَازِلُنَا وَمَا مَلَكَهَا أَحَدٌ قَطُّ يُقَالُ لَهُ بَدْرٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَمٌ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ قَوْلُهُ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ أَيْ قَلِيلُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ لَقِيَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشَاةً إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا عَارِينَ مِنَ السِّلَاحِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ النَّاسَ إِلَى تَلَقِّي أَبِي سُفْيَانَ لِأَخْذِ مَا مَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ قُرَيْشٍ وَكَانَ مَنْ مَعَهُ قَلِيلًا فَلَمْ يَظُنَّ أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ يَقَعُ قِتَالٌ فَلَمْ يَجُزْ مَعَهُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ وَلَمْ يَأْخُذُوا أُهْبَةَ الِاسْتِعْدَادِ كَمَا يَنْبَغِي بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا مُسْتَعِدِّينَ ذَابِّينَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَاخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ نَصَرَكُمْ فَعَلَى هَذَا هِيَ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَول الْأَكْثَر وَبِه جزم الدَّاودِيّ وَأنْكرهُ بن التِّينِ فَذَهِلَ وَقِيلَ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ فَعَلَى هَذَا فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِغَزْوَةِ أُحُدٍ وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَطَائِفَةٍ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رَوَى بن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى الشَّعْبِيِّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَلَغَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ أَنَّ كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ يَمُدُّ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَلَنْ يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف الْآيَةَ قَالَ فَلَمْ يَمُدَّ كُرْزٌ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَمُدَّ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَمْسَةِ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَلْفٍ ثُمَّ زَادَهُمْ فَصَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثُمَّ زَادَهُمْ فَصَارُوا خَمْسَة آلَاف وَكَأَنَّهُ جمع بذلك بَين آيتي آلِ عِمْرَانَ وَالْأَنْفَالِ وَقَدْ لَمَّحَ الْمُصَنِّفُ بِالِاخْتِلَافِ فِي