ذَاتُ الْعُشَيْرِ أَوِ الْعُشَيْرَةُ اهـ وَالْعُشَيْرَةُ كَمَا تقدم هِيَ الثَّالِثَة وَأما قَول بن التِّينِ يُحْمَلُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى أَنَّ الْعُشَيْرَةَ أَوَّلُ مَا غَزَا هُوَ أَيْ زيد بن أَرقم وَالتَّقْدِير فَقُلْتُ مَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا أَيْ وَأَنْتَ مَعَهُ قَالَ الْعُشَيْرُ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَيَكُونُ قد خَفِي عَلَيْهِ اثْنَتَانِ مِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ عَدَّ الْغَزْوَتَيْنِ وَاحِدَةً فَقَدْ قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ فِي ثَمَانٍ بَدْرٍ ثُمَّ أُحُدٍ ثُمَّ الْأَحْزَابِ ثُمَّ الْمُصْطَلِقِ ثُمَّ خَيْبَرَ ثُمَّ مَكَّةَ ثُمَّ حُنَيْنٍ ثُمَّ الطَّائِفِ اهـ وَأَهْمَلَ غَزْوَةَ قُرَيْظَةَ لِأَنَّهُ ضَمَّهَا إِلَى الْأَحْزَابِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ فِي إِثْرِهَا وَأَفْرَدَهَا غَيْرُهُ لِوُقُوعِهَا مُنْفَرِدَةً بَعْدَ هَزِيمَةِ الْأَحْزَابِ وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ عَدُّ الطَّائِفِ وَحُنَيْنٍ وَاحِدَةً لِتَقَارُبِهِمَا فَيَجْتَمِعُ عَلَى هَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرقم وَقَول جَابر وَقد توسع بن سَعْدٍ فَبَلَغَ عِدَّةُ الْمَغَازِي الَّتِي خَرَجَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْوَاقِدِيَّ وَهُوَ مُطَابق لما عده بن إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُفْرِدْ وَادِي الْقُرَى مِنْ خَيْبَرَ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ وَكَأَنَّ السِّتَّةَ الزَّائِدَةَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ وَأَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَزَاد فِيهِ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ أَوَّلًا ثَمَانِيَ عَشْرَةً ثُمَّ قَالَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَلَا أَدْرِي أَوَهَمَ أَوْ كَانَ شَيْئًا سَمِعَهُ بَعْدُ قُلْتُ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ يَدْفَعُ الْوَهَمَ وَيَجْمَعُ الْأَقْوَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْبُعُوثُ وَالسَّرَايَا فعد بن إِسْحَاقَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَعَدَّ الْوَاقِدِيُّ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ وَحكى بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ سِتًّا وَخَمْسِينَ وَعَدَّ الْمَسْعُودِيُّ سِتِّينَ وَبَلَغَهَا شَيْخُنَا فِي نَظْمِ السِّيرَةِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعِينِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ ضَمَّ الْمَغَازِي إِلَيْهَا قَوْلُهُ قُلْتُ فَأَيُّهُمْ كَانَ أَوَّلُ كَذَا للْجَمِيع قَالَ بن مَالِكٍ وَالصَّوَابُ فَأَيُّهَا أَوْ أَيُّهُنَّ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ غَزْوَتِهِمْ قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِ قُلْتُ فَأَيَّتُهُنَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ مِنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ أَوْ مِنْ شَيْخِهِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَلَى الصَّوَابِ وَمَرَّةً عَلَى غَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَصِحَّ لَهُ تَوْجِيهٌ قَوْلُهُ الْعُشَيْرُ أَوِ الْعُشَيْرَةُ كَذَا بِالتَّصْغِيرِ وَالْأَوَّلُ بِالْمُعْجَمَةِ بِلَا هَاءٍ وَالثَّانِيَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِالْهَاءِ وَوَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ الْعُشَيْرُ أَوِ الْعُسَيْرُ بِلَا هَاءٍ فِيهِمَا قَوْلُهُ فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ الْقَائِلُ هُوَ شُعْبَةُ وَقَوْلُ قَتَادَةَ الْعُشَيْرَةُ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِإِثْبَاتِ الْهَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا وَقَوْلُ قَتَادَةَ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا غَزْوَةُ الْعَسِيرَةِ بِالْمُهْمَلَةِ فَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَهِيَ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ وَأَمَّا هَذِهِ فَنُسِبَتْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَصَلُوا إِلَيْهِ وَاسْمُهُ الْعُشَيْرُ أَوِ الْعُشَيْرَةُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ مَوضِع وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ هِيَ عِيرُ قُرَيْشٍ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّام بِالتِّجَارَة ففاتهم وَكَانُوا يَتَرَقَّبُونَ رُجُوعَهَا فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَلَقَّاهَا لِيَغْنَمَهَا فَبِسَبَبِ ذَلِكَ كَانَتْ وقْعَة بدر قَالَ بن إِسْحَاقَ فَإِنَّ السَّبَبَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مَا حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ بِالشَّامِ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنْهُمْ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَأَقْبَلُوا فِي قَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا أَمْوَالُ قُرَيْشٍ فَنَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ فَبَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابَهُ بِقَصْدِهِمْ فَأَرْسَلَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ إِلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْمَجِيءِ لِحِفْظِ أَمْوَالِهِمْ وَيُحَذِّرُهُمُ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَنْفَرَهُمْ ضَمْضَمُ فَخَرَجُوا فِي أَلْفِ رَاكِبٍ وَمَعَهُمْ مِائَةُ فَرَسٍ وَاشْتَدَّ حَذَرُ أَبِي سُفْيَانَ فَأَخَذَ طَرِيقَ السَّاحِلِ وَجَدَّ فِي السَّيْرِ حَتَّى فَاتَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا أَمِنَ أَرْسَلَ إِلَى مَنْ يَلْقَى قُرَيْشًا يَأْمُرُهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015