وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِمُنْفِقٍ وَهُوَ الصَّوَابُ قَوْلُهُ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِلتَّعْلِيلِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَتَرَدَّدَ فِيهِ فَقَالَ إِنْ كَانَ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الصَّدَرِ مِنْ حَجَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَإِنْ كَانَ بِالْكَسْرِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ يُرِيدُ التَّخَلُّفَ بَعْدَ الصَّدَرِ فَخَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُدْرِكَهُ أَجَلُهُ بِمَكَّةَ قُلْتُ وَالْمَضْبُوطُ الْمَحْفُوظُ بِالْفَتْحِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَ بَعْدَ حَجِّهِ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي بن سَعْدٍ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَمَّا رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ فَأَخْرَجَهَا الْمُصَنِّفُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي آخِرِ الْمَغَازِي وَأَمَّا رِوَايَةُ مُوسَى وَهُوَ بن إِسْمَاعِيل فأخرجها الْمُؤلف فِي الدَّعْوَات

(قَوْلُهُ بَابُ كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ)

تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ بَابُ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً وَذَلِكَ بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار فَهِيَ الْمَقْصُودَة هُنَا وَذكر بن سَعْدٍ بِأَسَانِيدِ الْوَاقِدِيِّ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ قَالُوا لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ وَكَانُوا تِسْعِينَ نَفْسًا بَعْضُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَبَعْضُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقِيلَ كَانُوا مِائَةً فَلَمَّا نَزَلَ وَأُولُو الْأَرْحَام بَطَلَتِ الْمَوَارِيثُ بَيْنَهُمْ بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاةِ قُلْتُ وَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِض من حَدِيث بن عَبَّاسٍ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ كَانَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ بِالْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهم فَنَزَلَتْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ قَالَ السُّهَيْلِيُّ آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيُذْهِبَ عَنْهُمْ وَحْشَةَ الْغُرْبَةِ وَيَتَأَنَّسُوا مِنْ مُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ وَيَشُدُّ بَعْضُهُمْ أَزْرَ بَعْضٍ فَلَمَّا عَزَّ الْإِسْلَامُ وَاجْتَمَعَ الشَّمْلُ وَذَهَبَتِ الْوَحْشَةُ أَبْطَلَ الْمَوَارِيثَ وَجَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ كلهم إخْوَة وَأنزل إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة يَعْنِي فِي التَّوَادُدِ وَشُمُولِ الدَّعْوَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي ابْتِدَائِهَا فَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ بِتِسْعَةٍ وَقِيلَ وَهُوَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ وَقِيلَ قَبْلَ بِنَائِهِ وَقِيلَ بِسَنَةٍ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015