وَهُوَ سَنَدٌ مُعْضَلٌ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي قُدُومِهِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ قَوْلُهُ فَمَا قَدِمَ حَتَّى حَفِظْتُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ أَيْ مَعَ سُوَرٍ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ بُنْدَارَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَسُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى مَكِّيَّة وَفِيه نظر لِأَن بن أَبِي حَاتِمٍ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ حَيْدَةَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى نَزَلَتْ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شُرِعَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ هَاتَيْنِ مِنْهَا وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ وَأَقْوَى مِنْهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ نُزُولُ السُّورَةِ كلهَا بِمَكَّة ثمَّ بَيَّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بصلى صَلَاة الْعِيد وبتزكي زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ جَائِزٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْإِشْكَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا احْتِمَالُ أَنْ تَكُونَ السُّورَةُ مَكِّيَّةً إِلَّا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَصَحُّهُمَا فِيهِ يَجُوزُ نُزُولُهَا كُلُّهَا بِمَكَّةَ ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى صَلَاةَ الْعِيدِ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ فَلَيْسَ مِنَ الْآيَةِ إِلَّا التَّرْغِيبُ فِي الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِلْمُرَادِ فَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ
[3926] قَوْلُهُ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ نَحْوَهُ وَزَادَ قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ وَبَاؤُهَا مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ إِذَا دَخَلَهَا وَأَرَادَ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ وَبَائِهَا قِيلَ لَهُ انْهَقْ فَيَنْهَقُ كَمَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ لَعَمْرِي لَئِنْ غَنَّيْتَ مِنْ خِيفَةِ الرَّدَى نَهِيقَ حِمَارٍ إِنَّنِي لَمُرَوَّعُ قَوْلُهُ وُعِكَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ أَيْ أَصَابَهُ الْوَعْكُ وَهِيَ الْحُمَّى قَوْلُهُ كَيْفَ تَجِدُكَ أَيْ تَجِدُ نَفْسَكَ أَوْ جَسَدَكَ وَقَوْلُهُ مُصَبَّحٌ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَزْنَ مُحَمَّدٍ أَيْ مُصَابٌ بِالْمَوْتِ صَبَاحًا وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ بِأَهْلِهِ صَبَّحَكَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ وَقد يفجأه الْمَوْتُ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِأَهْلِهِ قَوْلُهُ أَدْنَى أَيْ أَقْرَبُ قَوْلُهُ شِرَاكِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ النَّعْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْتَ أَقْرَبُ إِلَى الشَّخْص من