فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرَ الْآخِرَةْ فَانْصُرِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ وَجَاءَ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ بِتَغْيِيرٍ آخَرَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَنَقَلَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقِفُ عَلَى الْآخِرَةْ وَالْمُهَاجِرَةْ بِالتَّاءِ مُحَرَّكَةً فَيُخْرِجُهُ عَنِ الْوَزْنِ ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ وَالْكَلَامُ الَّذِي بَعْدَ هَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي قَالَ الْكَرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الرَّجَزَ الْمَذْكُورَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شِعْرًا آخَرَ قُلْتُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُنَاسَبَةُ الشِّعْرِ الْمَذْكُورِ لِلْحَالِ الْمَذْكُورُ وَاضِحَةٌ وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي وَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ الْبِنَاءِ مُخْتَصٌّ بِمَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَمر ديني كبناء الْمَسْجِد قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شَعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذِه الأبيات زَاد بن عَائِذٍ فِي آخِرِهِ الَّتِي كَانَ يَرْتَجِزُ بِهِنَّ وَهُوَ ينْقل اللَّبن لبِنَاء الْمَسْجِد قَالَ بن التِّينِ أُنْكِرَ عَلَى الزُّهْرِيِّ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَجَزٌ وَلَيْسَ بِشِعْرٍ وَلِهَذَا يُقَالُ لِقَائِلِهِ رَاجِزٌ وَيُقَالُ أَنْشَدَ رَجَزًا وَلَا يُقَالُ لَهُ شَاعِرٌ وَلَا أَنْشَدَ شِعْرًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا هَلْ يَنْشُدُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم شعرًا أم لَا وَعَلَى الْجَوَازِ هَلْ يَنْشُدُ بَيْتًا وَاحِدًا أَوْ يَزِيدُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْبَيْتَ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ اه وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ مِنْ أَقْسَامِ الشِّعْرِ إِذَا كَانَ مَوْزُونًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لَا يُطْلِقُ الْقَافِيَّةَ بَلْ يَقُولُهَا مُتَحَرِّكَةَ التَّاءِ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ بِلَفْظِ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَهَذَا لَيْسَ بِمَوْزُونٍ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْشَاؤُهُ لَا إِنْشَادُهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى مَنْعِ إِنْشَادِهِ مُتَمَثِّلًا وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ لَمْ يَبْلُغْنَا لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَنْشَدَ غَيْرَ مَا نَقَلَهُ الزُّهْرِيُّ لِأَنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ بَلَغَهُ وَلَمْ يُطْلِقِ النَّفْيَ الْمَذْكُورَ عَلَى أَن بن سَعْدٍ رَوَى عَنْ عَفَّانَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ لَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ الشِّعْرِ قِيلَ قَبْلَهُ أَوْ يُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا كَذَا قَالَ وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّ الشِّعْرَ الْمَذْكُورَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُهُ شِعْرُ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي الحَدِيث جَوَاز قَول الشّعْر وأنواعه خُصُوصًا الرَّجَزَ فِي الْحَرْبِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ الْهِمَمِ وَتَشْجِيعِ النُّفُوسِ وَتَحَرُّكِهَا عَلَى مُعَالَجَةِ الْأُمُورِ الصَّعْبَةِ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ مِنْ طَرِيقِ مَجْمَعِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ لَئِنْ قَعَدْنَا وَالنَّبِيُّ يَعْمَلُ ذَاكَ إِذًا لَلْعَمَلُ الْمُضَلَّلُ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ وَزَادَ قَالَ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَا يَسْتَوِي مَنْ يَعْمُرُ الْمَسَاجِدَا يَدْأَبُ فِيهَا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمَنْ يُرَى عَنِ التُّرَابِ حَائِدًا وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ نُزُولِهِ عَلَى أَبِي أَيُّوبَ إِلَى أَنْ أَكْمَلَ الْمَسْجِدَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ بِهَذَا السَّنَدِ فَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذِهِ الأبيات وَعَن بن شِهَابٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ يَعْنِي الْأَخِيرَةَ وَبَيْنَ مُهَاجِرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا قُلْتُ هِيَ ذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَصَفَرُ لَكِنْ كَانَ مَضَى مِنْ ذِي الْحِجَّةِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ أَنِ اسْتَهَلَّ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ فَمَهْمَا كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ مِنَ الشَّهْرِ يُعْرَفُ مِنْهُ الْقَدْرُ عَلَى التَّحْرِيرِ فَقَدْ يَكُونُ ثَلَاثَةُ سَوَاءً وَقَدْ يَنْقُصُ وَقَدْ يَزِيدُ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا قِيلَ إِنَّهُ دَخَلَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَأَكْثَرَ مَا قِيلَ إِنَّهُ دَخَلَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْهُ الْحَدِيثُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015