تَكُنْ هُوَ فَاعْرِفْ حَقِّي وَمَنْزِلَتِي وَادْعُ الْإِلَهَ الَّذِي يَبْعَثُكَ لِي قَالَتْ فَقَالَ لَهَا وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ أَنَا هُوَ قَدِ اصْطَنَعْتِ عِنْدِي مَا لَا أُضَيِّعُهُ أَبَدًا وَإِنْ يَكُنْ غَيْرِي فَإِنَّ الْإِلَهَ الَّذِي تَصْنَعِينَ هَذَا لِأَجْلِهِ لَا يُضَيِّعُكِ أَبَدًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ لَا تَصْرِيحَ فِيهَا بِمَا فِي التَّرْجَمَةِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ وَمِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْأولُ

[3815] قَوْلُهُ حَدثنِي مُحَمَّد هُوَ بن سَلام كَمَا جزم بِهِ بن السكن وَعَبدَة هُوَ بن سُلَيْمَانَ قَوْلُهُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ هُوَ بن أَبِي طَالِبٍ وَوَقَعَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ لِتَصْرِيحِ عَبْدَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِسَمَاعِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَوْله سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ بِالْكُوفَةِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُ هِشَامٍ عَلَى ذِكْرِ عَلِيٍّ فِيهِ وَقَصَرَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَرَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَهُ احْمَد وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ لَكِنْ بِلَفْظٍ مُغَايِرٍ لِهَذَا اللَّفْظِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ وَفِي الْإِسْنَادِ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَصَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَمِّهِ قَوْلُهُ خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ لَكِنَّهُ يُفَسِّرُهُ الْحَالُ وَالْمُشَاهَدَةُ يَعْنِي بِهِ الدُّنْيَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ يَعُودُ عَلَى الْأُمَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا مَرْيَمُ وَالثَّانِي عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ وَلِهَذَا كَرَّرَ الْكَلَامَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا غَيْرُ حُكْمِ الْأُخْرَى قُلْتُ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُرَادَ نِسَاءُ الدُّنْيَا وَأَنَّ الضَّمِيرَيْنِ يَرْجِعَانِ إِلَى الدُّنْيَا وَبِهَذَا جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَرَادَ أَنَّهُمَا خَيْرُ مَنْ تَحْتَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ الْأَرْضِ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ نِسَائِهَا لِأَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَعُودَ إِلَى السَّمَاءِ كَذَا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الضَّمِيرَ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ إِلَى السَّمَاءِ وَالثَّانِيَ إِلَى الْأَرْضِ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ صَدَرَ فِي حَيَاةِ خَدِيجَةَ وَتَكُونُ النُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَرْيَمَ مَاتَتْ فَعُرِجَ بِرُوحِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَلَمَّا ذَكَرَهَا أَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَتْ خَدِيجَةُ إِذْ ذَاكَ فِي الْحَيَاةِ فَكَانَتْ فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا ذَكَرَهَا أَشَارَ إِلَى الْأَرْضِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا خَيْرُ مَنْ صُعِدَ بِرُوحِهِنَّ إِلَى السَّمَاءِ وَخَيْرُ مَنْ دُفِنَ جَسَدُهُنَّ فِي الْأَرْضِ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ عِنْدَ ذِكْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَهُ خَيْرُ نِسَائِهَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالضَّمِيرُ لِمَرْيَمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَرْيَمُ خَيْرُ نِسَائِهَا أَيْ نِسَاءُ زَمَانِهَا وَكَذَا فِي خَدِيجَةَ وَقَدْ جَزَمَ كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْمُرَادَ نِسَاءُ زَمَانِهَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَذِكْرِ آسِيَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ وَآسِيَةُ فَقَدْ أَثْبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَمَالَ لِآسِيَةَ كَمَا أَثْبَتَهُ لِمَرْيَمَ فَامْتَنَعَ حَمْلُ الْخَيْرِيَّةِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَجَاءَ مَا يُفَسِّرُ الْمُرَادَ صَرِيحًا فَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَفَعَهُ لَقَدْ فُضِّلَتْ خَدِيجَةُ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي كَمَا فُضِّلَتْ مَرْيَمُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَهُوَ من حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ان خَدِيجَة أفضل من عَائِشَة قَالَ بن التِّينِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَكُونَ عَائِشَةُ دَخَلَتْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَ لَهَا عِنْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ ثَلَاثُ سِنِينَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ النِّسَاءُ الْبَوَالِغُ كَذَا قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ النِّسَاءِ أَعَمُّ مِنَ الْبَوَالِغِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ أَعَمُّ مِمَّنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَمِمَّنْ سَتُوجَدُ وَقَدْ اخْرُج النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَأخرجه الْحَاكِم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ وَمَرْيَمُ واسية وَهَذَا نَص صَرِيح لايحتمل التَّأْوِيلَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015