أَنَّ الَّذِي بَاشَرَ السُّؤَالَ اسْمُهُ حَكِيمٌ وَعَلَيْهِ اقْتصر شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ قَوْلُهُ قَالَ فَمَنِ الشَّيْخُ أَيِ الْكَبِيرُ فِيهِمْ الَّذِي يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْلِهِ قَوْلُهُ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ إِلَخْ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ السَّائِلَ كَانَ مِمَّنْ يَتَعَصَّبُ عَلَى عُثْمَانَ فَأَرَادَ بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَنْ يُقَرِّرَ مُعْتَقَدَهُ فِيهِ وَلِذَلِكَ كبر مستحسنا لما اجابه بِهِ بن عمر قَوْله قَالَ بن عمر تعال أبين لَك كَأَن بن عُمَرَ فَهِمَ مِنْهُ مُرَادَهُ لَمَّا كَبَّرَ وَإِلَّا لَوْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ سُؤَالِهِ لَقَرَنَ الْعُذْرَ بِالْجَوَابِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَابَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فاظهر لَهُ بن عُمَرَ الْعُذْرَ عَنْ جَمِيعِهَا أَمَّا الْفِرَارُ فَبِالْعَفْوِ وَأَمَّا التَّخَلُّفُ فَبِالْأَمْرِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ مَقْصُودُ مَنْ شَهِدَ مِنْ تَرَتُّبِ الْأَمْرَيْنِ الدُّنْيَوِيِّ وَهُوَ الْهم وَالْأُخْرَوِيِّ وَهُوَ الْأَجْرُ وَأَمَّا الْبَيْعَةُ فَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَيَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ لِعُثْمَانَ مِنْ يَدِهِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ نَفْسِهِ فِيمَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ عَاتَبَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ لَهُ لِمَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ عَلَيَّ فَذَكَرَ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ فَأَجَابَهُ عُثْمَان بِمثل مَا أجَاب بِهِ بن عُمَرَ قَالَ فِي هَذِهِ فَشِمَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ لِي مِنْ يَمِينِي قَوْلُهُ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَان بِبَعْض ماكسبوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيم قَوْلُهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ رُقَيَّةُ فَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى رُقَيَّةَ فِي مَرَضِهَا لَمَّا خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ فَمَاتَتْ رُقَيَّةُ حِينَ وَصَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِالْبِشَارَةِ وَكَانَ عُمْرُ رُقَيَّةَ لَمَّا مَاتَت عشْرين سنة قَالَ بن إِسْحَاقَ وَيُقَالُ إِنَّ ابْنَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ مَاتَ بَعْدَهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ بِبَطْنِ مَكَّةَ أَعَزَّ مِنْ عُثْمَانَ أَيْ عَلَى مَنْ بِهَا لَبَعَثَهُ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَهُ أَيْ بَدَلَ عُثْمَانَ قَوْلُهُ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ أَيْ بَعْدَ أَنْ بَعَثَهُ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عُثْمَانَ لِيُعْلِمَ قُرَيْشًا أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ مُعْتَمِرًا لَا مُحَارِبًا فَفِي غَيْبَةِ عُثْمَانَ شَاعَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَعَرَّضُوا لِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَعَدَّ الْمُسْلِمُونَ لِلْقِتَالِ وَبَايَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ عُثْمَانَ وَقِيلَ بَلْ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْبَيْعَةِ وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ ذَلِكَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنَ الْمَغَازِي قَوْلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ أَشَارَ بِهَا قَوْلُهُ هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ أَيْ بَدَلَهَا فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فَقَالَ هَذِهِ أَيِ الْبَيْعَةُ لِعُثْمَانَ أَيْ عَن عُثْمَان قَوْله فَقَالَ لَهُ بن عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ أَيِ اقْرِنْ هَذَا الْعُذْرَ بِالْجَوَابِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَكَ فِيمَا أَجَبْتُكَ بِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَا كُنْتَ تَعْتَقِدُهُ مِنْ غَيْبَةِ عُثْمَانَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَالَ لَهُ بن عُمَرَ تَهَكُّمًا بِهِ أَيْ تَوَجَّهْ بِمَا تَمَسَّكْتَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا ينفعك بعد مَا بَيَّنْتُ لَكَ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةٌ لِمَا دَارَ بَيْنَهُمَا فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ وَقَعَ هُنَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُور قبل بحديثين وَالَّذِي أَوْرَدْنَاهُ هُوَ تَرْتِيبُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْخَطْبُ فِي ذَلِكَ سَهْلٌ