لَا وَاجِبَاتِهَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْعَمَلُ بِالْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا بِخِلَافِ التَّطَوُّعَاتِ فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْعَمَلُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّطَوُّعَاتِ ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيعِ الْأَبْوَابِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ لَهُ وَإِلَّا فَدُخُولُهُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَلَعَلَّهُ بَابُ الْعَمَلِ الَّذِي يَكُونُ أَغْلَبَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعَارِضُهُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا تُفْتَحُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ ثُمَّ عِنْدَ دُخُولِهِ لَا يَدْخُلُ إِلَّا مِنْ بَابِ الْعَمِلِ الَّذِي يَكُونُ أَغْلَبَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ الْإِنْفَاقُ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ وَالْعِلْمِ وَالْحَجِّ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِهَا فَمُشْكِلٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَسَائِلِهَا مِنْ تَحْصِيلِ آلَاتِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَتَطْهِيرِ ثَوْبٍ وَبَدَنٍ وَمَكَانٍ وَالْإِنْفَاقُ فِي الصِّيَامِ بِمَا يُقَوِّيهِ عَلَى فِعْلِهِ وَخُلُوصِ الْقَصْدِ فِيهِ وَالْإِنْفَاقُ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ بِتَرْكِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ حَقٍّ وَالْإِنْفَاقُ فِي التَّوَكُّلِ بِمَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ الْمَانِعِ لَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي طَلَبِ الْمَعَاشِ مَعَ الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ أَوْ يُنْفِقُ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ مِثْلُ ذَلِكَ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَالْإِنْفَاقُ فِي الذِّكْرِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ بَذْلُ النَّفْسِ فِيهِمَا فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي مَا يَبْذُلُهُ الْمَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ نَفَقَةً كَمَا يُقَالُ أَنْفَقْتُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ عُمْرِي وَبَذَلْتُ فِيهِ نَفْسِي وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ زَوْجَيْنِ النَّفْسُ وَالْمَالُ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ النَّفَقَةُ فِي الصِّيَامِ تَقَعُ بِتَفْطِيرِ الصَّائِمِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى بَابِ الصَّدَقَةِ قَوْلُهُ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ قَالَ الْعُلَمَاءُ الرَّجَاءُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ نَبِيِّهِ وَاقِعٌ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَدْخُلُ الْحَدِيثُ فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد بن حِبَّانَ فِي نَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالْوُقُوعِ لِأَبِي بَكْرٍ وَلَفْظُهُ قَالَ أَجَلْ وَأَنْتَ هُوَ يَا أَبَا بَكْرٍ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبَرِّ قَلَّ أَنْ تَجْتَمِعَ جَمِيعُهَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّوَاءِ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُحِبُّونَ صَالِحِي بَنِي آدَمَ وَيَفْرَحُونَ بِهِمْ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ كُلَّمَا كَانَ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ وَأَنَّ تَمَنِّي الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَطْلُوبٌ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْوَفَاةِ وَقِصَّةِ السَّقِيفَةِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَفَاةِ فِي مَكَانِهَا فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَأَمَّا السَّقِيفَةُ فَتَتَضَمَّنُ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ بِالْخِلَافَةِ وَقَدْ أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فِي الْحُدُودِ وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْهَا فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ عَنْ عمر أَيْضا وأتمها رِوَايَة بن عَبَّاسٍ وَسَأَذْكُرُ هُنَا مَا فِيهَا مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ

[3667] قَوْلُهُ مَاتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ وَأَنَّهُ بِسُكُونِ النُّونِ وَضَبَطَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ بِضَمِّهَا وَقَالَ إِنَّهُ مَنَازِلُ بَنِي الْحَارِثِ مِنْ الْخَزْرَجِ بِالْعَوَالِي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مِيلٌ قَوْلُهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ هُوَ شَيْخُ المُصَنّف فِيهِ وَهُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَقَوْلُهُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ أَرَادَ تَفْسِيرَ قَوْلِ عَائِشَةَ بِالسُّنْحِ قَوْلُهُ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ يَعْنِي عَدَمَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ذَكَرَ عُمَرُ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ الْجَنَائِزِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَنْكَرَ الْحَيَاةَ فِي الْقَبْرِ وَأُجِيبَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْمَوْتِ اللَّازِمِ مِنَ الَّذِي أَثْبَتَهُ عُمَرُ بِقَوْلِهِ وَلِيَبْعَثَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا لِيَقْطَعَ أَيْدِي الْقَائِلِينَ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمَا يَقَعُ فِي الْبَرْزَخِ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ حَيَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْر لايعقبها مَوْتٌ بَلْ يَسْتَمِرُّ حَيًّا وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي تَعْرِيفِ الموتتين حَيْثُ قَالَ لايذيقك الله الموتتين الْمَعْرُوفَتَيْنِ الْمَشْهُورَتَيْنِ الْوَاقِعَتَيْنِ لِكُلِّ أَحَدٍ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015