وَلَكِن خلة الْإِسْلَام وَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ بن التِّينِ لَعَلَّ الْأَلِفَ سَقَطَتْ مِنَ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهَا ثَابِتَة فِي سَائِر الرِّوَايَات وَوَجهه بن مَالِكٍ بِأَنَّهُ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إِلَى النُّونِ فَحُذِفَ الْأَلِفُ وَجَوَّزَ مَعَ حَذْفِهَا ضَمَّ نُونِ لَكِنْ وَسُكُونَهَا قَالَ وَلَا يَجُوزُ مَعَ إِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ إِلَّا سُكُونُ النُّونِ فَقَطْ وَفِي قَوْلِهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا إِلَخْ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ وَنَقَلَ بن التِّينِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَوْ كُنْتُ أَخُصُّ أَحَدًا بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ لَخَصَصْتُ أَبَا بَكْرٍ قَالَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَذِبِ الشِّيعَةِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ خَصَّ عَلِيًّا بِأَشْيَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ وَأُمُورِ الدِّينِ لَمْ يَخُصَّ بِهَا غَيْرَهُ قُلْتُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّةِ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ وَمَا أبَعْدَهَا قَوْلُهُ لَا يَبْقَيَنَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِنُونِ التَّأْكِيدِ وَفِي إِضَافَةِ النَّهْيِ إِلَى الْبَابِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ عَدَمَ بَقَائِهِ لَازِمٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إِبْقَائِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تُبْقُوهُ حَتَّى لَا يَبْقَى وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ قَوْله الْأسد بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ خَوْخَةٌ بَدَلَ بَابٍ وَالْخَوْخَةُ طَاقَةٌ فِي الْجِدَارِ تُفْتَحُ لِأَجْلِ الضَّوْءِ وَلَا يُشْتَرَطُ عُلُوُّهَا وَحَيْثُ تَكُونُ سُفْلَى يُمكن الاستطراق مِنْهَا لَا ستقراب الْوُصُولِ إِلَى مَكَانٍ مَطْلُوبٍ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا وَلِهَذَا اطلق عَلَيْهَا بَاب وَقيل لايطلق عَلَيْهَا بَابٌ إِلَّا إِذَا كَانَتْ تُغْلَقُ قَوْلُهُ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَالْمَعْنَى لَا تُبْقُوا بَابًا غَيْرَ مَسْدُودٍ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ فَاتْرُكُوهُ بِغَيْرِ سَدٍّ قَالَ الْخطابِيّ وبن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِصَاصٌ ظَاهِرٌ لِأَبِي بَكْرٍ وَفِيهِ إِشَارَةٌ قَوِيَّةٌ إِلَى اسْتِحْقَاقِهِ لِلْخِلَافَةِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَهُمْ فِيهِ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْبَابَ كِنَايَةٌ عَنِ الْخِلَافَةِ وَالْأَمْرَ بِالسَّدِّ كِنَايَةٌ عَنْ طَلَبِهَا كَأَنَّهُ قَالَ لَا يَطْلُبَنَّ أَحَدٌ الْخِلَافَةَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي طَلَبِهَا وَإِلَى هَذَا جنح بن حِبَّانَ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ حَسَمَ بِقَوْلِهِ سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ أَطْمَاعَ النَّاسِ كُلِّهِمْ عَنْ أَنْ يَكُونُوا خُلَفَاءَ بَعْدَهُ وَقَوَّى بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ بِالسُّنْحِ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا بَعْدَ بَابٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ خَوْخَةٌ إِلَى الْمَسْجِدِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مَنْزِلِهِ كَانَ بِالسُّنْحِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ دَارٌ مُجَاوِرَةٌ لِلْمَسْجِدِ وَمَنْزِلُهُ الَّذِي كَانَ بِالسُّنْحِ هُوَ مَنْزِلُ أَصْهَارِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَدْ كَانَ لَهُ إِذْ ذَاكَ زَوْجَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِالِاتِّفَاقِ وَأُمُّ رُومَانَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً يَوْمئِذٍ وَقد تعقب الْمُحب الطَّبَرِيّ كَلَام بن حِبَّانَ فَقَالَ وَقَدْ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّ دَارَ أَبِي بِكْرٍ الَّتِي أَذِنَ لَهُ فِي إِبْقَاءِ الْخَوْخَةِ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ كَانَتْ مُلَاصِقَةً لِلْمَسْجِدِ وَلَمْ تَزَلْ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى احْتَاجَ إِلَى شَيْءٍ يُعْطِيهِ لِبَعْضِ مَنْ وَفَدَ عَلَيْهِ فَبَاعَهَا فَاشْتَرَتْهَا مِنْهُ حَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَزَلْ بِيَدِهَا إِلَى أَنْ أَرَادُوا تَوْسِيعَ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَطَلَبُوهَا مِنْهَا لِيُوَسِّعُوا بِهَا الْمَسْجِدَ فَامْتَنَعَتْ وَقَالَتْ كَيْفَ بِطَرِيقِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهَا نُعْطِيكِ دَارًا أَوْسَعَ مِنْهَا وَنَجْعَلُ لَكِ طَرِيقًا مِثْلَهَا فَسَلَّمَتْ وَرَضِيَتْ قَوْلُهُ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ زَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ فَإِنِّي رَأَيْتُ عَلَيْهِ نُورًا تَنْبِيهٌ جَاءَ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ الَّتِي حَوْلَ الْمَسْجِدِ أَحَادِيثُ يُخَالِفُ ظَاهِرُهَا حَدِيثَ الْبَابِ مِنْهَا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَتَرْكِ بَابِ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ رِجَالُهَا ثِقَاتٌ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَدَدْتَ أَبْوَابَنَا فَقَالَ مَا أَنَا سَدَدْتُهَا وَلَكِنَّ اللَّهَ سَدَّهَا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كَانَ لِنَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ عَليّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015