ثُمَّ رَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى الْعِرَاقِ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ الْحَرُورِيَّةُ فَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَرَجَ ابْنُهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بَعْدَهُ بِالْعَسَاكِرِ لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ وَخَرَجَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَوَقَعَ بَيْنَهُمُ الصُّلْحُ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الْآتِي فِي الْفِتَنِ إِنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ جَمِيعِ ذَلِكَ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ
[3608] قَوْلُهُ حَتَّى يُبْعَثَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُخْرَجَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَعْثِ مَعْنَى الْإِرْسَالِ الْمُقَارِنِ لِلنُّبُوَّةِ بَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى انا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين قَوْلُهُ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ الدَّجَلُ التَّغْطِيَةُ وَالتَّمْوِيهُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْكَذِبِ أَيْضًا فَعَلَى هَذَا كَذَّابُونَ تَأْكِيدٌ وَقَوْلُهُ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كَذَا وَقَعَ بِالنَّصْبِ وَهُوَ عَلَى الْحَالِ مِنَ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ قَرِيبٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ الْجَزْمَ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ إِنَّ بَيْنَ يَدي السَّاعَة ثَلَاثِينَ كذابا دجالًا كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَرَوَى أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ تَسْمِيَةَ بَعْضِ الْكَذَّابِينَ الْمَذْكُورِينَ بِلَفْظِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ كَذَّابًا مِنْهُمْ مُسَيْلِمَةُ وَالْعَنْسِيُّ وَالْمُخْتَارُ قُلْتُ وَقَدْ ظَهَرَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي آخِرِ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ بِالْيَمَامَةِ وَالْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ بِالْيَمَنِ ثُمَّ خَرَجَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ فِي بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَسَجَاحُ التَّمِيمِيَّةُ فِي بَنِي تَمِيمٍ وَفِيهَا يَقُولُ شَبِيبُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَكَانَ مُؤَدِّبَهَا أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نُطِيفُ بِهَا وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ النَّاسِ ذُكْرَانَا وَقُتِلَ الْأَسْوَدُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُتِلَ مُسَيْلِمَةُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَتَابَ طُلَيْحَةُ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَنُقِلَ أَنَّ سَجَاحَ أَيْضًا تَابَتْ وَأَخْبَارُ هَؤُلَاءِ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْإِخْبَارِيِّينَ ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيَّ غَلَبَ عَلَى الْكُوفَة فِي أول خلَافَة بن الزُّبَيْرِ فَأَظْهَرَ مَحَبَّةَ أَهْلِ الْبَيْتِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَلَبِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ فَتَبِعَهُمْ فَقَتَلَ كَثِيرًا مِمَّنْ بَاشَرَ ذَلِكَ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَأَحَبَّهُ النَّاس ثمَّ إِنَّه زَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ أَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَزَعَمَ أَنَّ جِبْرِيلَ يَأْتِيهِ فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ كُنْتُ أَبْطَنَ شَيْءٍ بِالْمُخْتَارِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ دَخَلْتَ وَقَدْ قَامَ جِبْرِيلُ قَبْلُ مِنْ هَذَا الْكُرْسِيِّ وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ أَرَاهُ كِتَابَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ قُلْتُ لِعُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو أَتَرَى الْمُخْتَارَ مِنْهُمْ قَالَ أَمَا إِنَّهُ مِنَ الرؤوس وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ وَمِنْهُمُ الْحَارِثُ الْكَذَّابُ خَرَجَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقُتِلَ وَخَرَجَ فِي خِلَافَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ جَمَاعَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً لِكَوْنِ غَالِبِهِمْ يَنْشَأُ لَهُمْ ذَلِكَ عَنْ جُنُونٍ أَوْ سَوْدَاءَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَنْ قَامَتْ لَهُ شَوْكَةٌ وَبَدَتْ لَهُ شُبْهَةٌ كَمَنْ وَصَفْنَا وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَبَقِيَ مِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِأَصْحَابِهِ وَآخِرُهُمُ الدَّجَّالُ الْأَكْبَرُ وَسَيَأْتِي بَسْطُ كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى