وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنِ اجْتِمَاعِ الْكَثِيرِ مِنْهُمْ فِي الْمَحَافِلِ وَمَجْمَعِ الْعَسَاكِرِ وَلَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِنْكَارٌ عَلَى رَاوِي ذَلِكَ فَهَذَا النَّوْعُ مُلْحَقٌ بِالْقَطْعِيِّ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَضِيَّةُ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ فِي مَشَاهِدَ عَظِيمَةٍ وَوَرَدَتْ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ يُفِيدُ مَجْمُوعُهُا الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ الْمُسْتَفَادَ مِنَ التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ قُلْتُ أَخَذَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ عَنْ غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ نَبْعِ الْمَاءِ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ خَمْسَةِ طُرُقٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَرْبَعَةِ طرق وَعَن بن مَسْعُود عِنْد البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَعَنِ بن أَبِي لَيْلَى وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَعَدَدُ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ لَيْسَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطلاقهما وَأما تَكْثِير المَاء بِأَن يلمسه بِيَدِهِ أَوْ يَتْفُلُ فِيهِ أَوْ يَأْمُرُ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ كَسَهْمٍ مِنْ كِنَانَتِهِ فَجَاءَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ وَعَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِث الصدائي عِنْده وَعَن حبَان بن الصنابح بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الصُّدَائِيِّ أَيْضًا فَإِذَا ضُمَّ هَذَا إِلَى هَذَا بَلَغَ الْكَثْرَةَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ قَارَبَهَا وَأَمَّا مَنْ رَوَاهَا مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الثَّانِي فَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَإِنْ كَانَ شَطْرُ طُرُقِهِ أَفْرَادًا وَفِي الْجُمْلَةِ يُسْتَفَادُ مِنْهَا الرَّد على بن بَطَّالٍ حَيْثُ قَالَ هَذَا الْحَدِيثُ شَهِدَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ وَذَلِكَ لِطُولِ عُمُرِهِ وَتَطَلُّبِ النَّاسِ الْعُلُوَّ فِي السَّنَدِ انْتَهَى وَهُوَ يُنَادَى عَلَيْهِ بِقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ وَالِاسْتِحْضَارِ لِأَحَادِيثِ الْكِتَابِ الَّذِي شَرَحَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ عَنْ غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ نَبَعَ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ عَظْمِهِ وَعَصَبِهِ وَلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَقَدْ نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ مِنْ نَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْحَجَرِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مُوسَى بِالْعَصَا فَتَفَجَّرَتْ مِنْهُ الْمِيَاهُ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَاءِ مِنَ الْحِجَارَةِ مَعْهُودٌ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَاءَ نَبَعَ مِنْ نَفْسِ اللَّحْمِ الْكَائِنِ فِي الْأَصَابِعِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْآتِي فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ مَا وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيّ فجاؤوا بِشَنٍّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّقَ أَصَابِعَهُ فَنَبَعَ الْمَاءُ مِنْ أَصَابِعِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ عَصَا مُوسَى فَإِنَّ الْمَاءَ تَفَجَّرَ مِنْ نَفْسِ الْعَصَا فَتَمَسُّكُهُ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ تَفَجَّرَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَاءَ كَانَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُؤْيَةِ الرَّائِي وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِلْبَرَكَةِ الْحَاصِلَةِ فِيهِ يَفُورُ وَيَكْثُرُ وَكَفُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاءِ فَرَآهُ الرَّائِي نَابِعًا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ وَلَيْسَ فِي الْأَخْبَارِ مَا يَرُدُّهُ وَهُوَ أَوْلَى
[3572] قَوْلُهُ عَنْ سعيد هُوَ بن أَبِي عَرُوبَةَ قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ لَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ إِلَّا مُعَنْعَنًا لَكِنْ بَقِيَّةُ الْخَبَرِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ لِقَوْلِهِ قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ لَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ فَهَذَا لَوْ كَانَ مَحْفُوظًا اقْتَضَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحِ انْقِطَاعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ قَوْلُهُ وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ عَلَى الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ السُّوقِ وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُ كَانَ مُرْتَفِعًا كَالْمَنَارَةِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بِالتَّأْذِينِ عَلَى الزَّوْرَاءِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ بَلِ الْوَاقِعُ أَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَمر عُثْمَان بِالتَّأْذِينِ فِيهِ كَانَ بالزوراء لاأنه الزَّوْرَاءُ نَفْسُهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ عِنْدَ الزَّوْرَاءِ أَوْ عِنْدَ بُيُوتِ الْمَدِينَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ