صَحِيحِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ الْقِصَصَ الثَّلَاثَةَ فِي الْأَجِيرِ وَالْمَرْأَةِ وَالْأَبَوَيْنِ إِلَّا حَدِيثَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَفِيهِ بَدَلَ الْأَجِيرِ أَنَّ الثَّالِثَ قَالَ كُنْتُ فِي غَنَمٍ أَرْعَاهَا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقُمْتُ أُصَلِّي فَجَاءَ الذِّئْبُ فَدَخَلَ الْغَنَمُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ صَلَاتِي فَصَبَرْتُ حَتَّى فَرَغْتُ فَلَوْ كَانَ إِسْنَادُهُ قَوِيًّا لَحُمِلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ تَقْدِيمُ الْأَجِيرِ ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْمَرْأَةِ وَخَالَفَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فَقَدَّمَ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْمَرْأَةَ ثُمَّ الْأَجِيرَ وَوَافَقَتْهُ رِوَايَةُ سَالِمٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَجِيرَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَجِيرَ ثُمَّ الْمَرْأَةَ وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ الْأَجِيرَ ثُمَّ الْمَرْأَةَ ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ وَفِي حَدِيثِ عَليّ وبن أَبِي أَوْفَى مَعًا الْمَرْأَةَ ثُمَّ الْأَجِيرَ ثُمَّ الْأَبَوَيْنِ وَفِي اخْتِلَافِهِمْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ سَائِغَةٌ شَائِعَةٌ وَأَنْ لَا أَثَرَ لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَأَرْجَحُهَا فِي نَظَرِي رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ لِمُوَافَقَةِ سَالِمٍ لَهَا فَهِيَ أَصَحُّ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادِ وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَيُنْظَرُ أَيُّ الثَّلَاثَةِ كَانَ أَنْفَعُ لِأَصْحَابِهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ الثَّالِثُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا بِدُعَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ أَفَادَ إِخْرَاجَهُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ وَالثَّانِي أَفَادَ الزِّيَادَةَ فِي ذَلِكَ وَإِمْكَانَ التَّوَسُّلِ إِلَى الْخُرُوجِ بِأَنْ يَمُرَّ مَثَلًا هُنَاكَ مَنْ يُعَالِجُ لَهُمْ وَالثَّالِثُ هُوَ الَّذِي تَهَيَّأَ لَهُمُ الْخُرُوجُ بِسَبَبِهِ فَهُوَ أَنْفَعُهُمْ لَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَمَلُ الثَّالِثِ أَكْثَرَ فَضْلًا من عمل الْأَخيرينِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الثَّلَاثَةِ فَصَاحِبُ الْأَبَوَيْنِ فَضِيلَتُهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِأَبَوَيْهِ وَصَاحِبُ الْأَجِيرِ نَفْعُهُ مُتَعَدٍّ وَأَفَادَ بِأَنَّهُ كَانَ عَظِيمَ الْأَمَانَةِ وَصَاحِبُ الْمَرْأَةِ أَفْضَلُهُمْ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِهِ خشيَة ربه وَقد شَهِدَ اللَّهُ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الْجَنَّةَ حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ المأوى وَقَدْ أَضَافَ هَذَا الرَّجُلُ إِلَى ذَلِكَ تَرْكَ الذَّهَبِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمَرْأَةِ فَأَضَافَ إِلَى النَّفْعِ الْقَاصِرِ النَّفْعَ الْمُتَعَدِّيَ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْ بِنْتَ عَمِّهِ فَتَكُونُ فِيهِ صِلَةُ رَحِمٍ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَةِ قَحْطٍ فَتَكُونُ الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ أَحْرَى فَيَتَرَجَّحُ عَلَى هَذَا رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ جَاءَتْ قِصَّةُ الْمَرْأَةِ أَيْضًا أَخِيرَةً فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015