عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَنٍ أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُهُ فَلَا وَقِيلَ الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقِيلَ الْمُرَادُ جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَةٍ وَقَعَتْ مِنَ انْقِطَاعٍ أَوْ بَلَاغٍ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَالِ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّحَدُّثِ بِهَا الِاتِّصَالُ وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَهُ وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَلَمْ يَرِدِ الْإِذْنُ وَلَا الْمَنْعُ مِنَ التَّحَدُّثِ بِمَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ قَوْلُهُ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَذَكَرْتُ عَدَدَ مَنْ رَوَاهُ وَصِفَةَ مَخَارِجِهِ بِمَا يُغْنِي عَنِ الْإِعَادَةِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَغْلِيظِ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ حَتَّى بَالَغَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فَحَكَمَ بِكُفْرِ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ يَمِيلُ إِلَيْهِ وَجَهِلَ مَنْ قَالَ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَبَعْضِ الْمُتَزَهِّدَةِ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُوزُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَقْوِيَةِ أَمْرِ الدِّينِ وَطَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْوَعِيدَ وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ لَا فِي الْكَذِبِ لَهُ وَهُوَ اعْتِلَالٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَعِيدِ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ الْكَذِبَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَالدِّينُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَامِلٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى تَقْوِيَتِهِ بِالْكَذِبِ الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ
[3462] قَوْلُهُ إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ يَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّةُ الصَّبْغِ وَالْمُرَادُ بِهِ صَبْغُ شَيْبِ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ إِزَالَةِ الشَّيْبِ لِأَنَّ الصَّبْغَ لَا يَقْتَضِي الْإِزَالَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ السَّوَادِ لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَيِّرُوهُ وَجَنِّبُوهُ السوَاد وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حبَان من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُخَضِّبُونَ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لَا يَجِدُونَ رِيحَ الْجَنَّةِ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْجِيحِ وَقْفِهِ فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ وَلِهَذَا اخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الصَّبْغَ بِالسَّوَادِ يُكْرَهُ كَرَاهِيَةَ تَحْرِيمٍ وَعَنِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ لِأَجْلِ زَوْجِهَا وَقَالَ مَالِكٌ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ وَاسِعٌ وَالصَّبْغُ بِغَيْرِ السَّوَادِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُجَاهِدُ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالصَّبْغِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَبْغَ الثِّيَابِ وَلَا خَضْبَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ مَثَلًا لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَتْرُكُونَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ لِلرَّجُلِ وَبِتَحْرِيمِ خَضْبِ الرِّجَالِ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ إِلَّا لِلتَّدَاوِي وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ
[3463] قَوْله حَدثنَا مُحَمَّد هُوَ بن معمر نسبه بن السَّكَنِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَقِيلَ هُوَ الذُّهْلِيُّ قَوْلُهُ حَدثنَا حجاج هُوَ بن منهال وَجَرِير هُوَ بن حَازِمٍ وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ هُوَ مَسْجِدُ الْبَصْرَةِ قَوْلُهُ وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى تَحَقُّقِهِ لِمَا حَدَّثَ بِهِ وَقُرْبِ عَهْدِهِ بِهِ وَاسْتِمْرَارِ ذِكْرِهِ لَهُ قَوْله وَمَا تخشي أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ عُدُولٌ وَأَنَّ الْكَذِبَ مَأْمُونٌ مِنْ قِبَلِهِمْ وَلَا سِيَّمَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ كَأَنَّ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ بِهِ جُرْحٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ بِلَفْظِ بِهِ جِرَاحٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إنَّ رَجُلًا خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَةٌ وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ حَبَّةٌ تَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ وَكَأَنَّهُ كَانَ بِهِ جُرْحٌ ثُمَّ صَارَ قَرْحَةً قَوْلُهُ فَجَزِعَ أَيْ فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى أَلَمِ تِلْكَ الْقَرْحَةِ قَوْلُهُ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ السِّكِّينُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَقَوْلُهُ حَزَّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ هُوَ الْقَطْعُ